(٢) ما ذكره ابن حجر هو مذهب الأشاعرة حيث يذهبون إلى أن كلام الله ليس بحرف ولا صوت، ويقولون: هو كلامٌ نفسي معبر عنه بالقرآن الموجود بين أيدينا. تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا. وهذا الكلام يُخالف مذاهب أهل السُّنة والجماعة، والدليل على ذلك من الكتاب والسنة والإجماع. - أمَّا الكتاب: فقوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤)} [النساء ١٦٤]. وقوله تعالى: {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة: ٢٥٣]. وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: ٥١]. وقوله تعالى: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى} [الشعراء: ١٠]. فقد ثبت أن موسى سمع كلام الله -تبارك وتعالى- منه بغير واسطة، فإنه لو سمعه من شجرة أو حجر أو ملك -كما يزعم أهل البدع- لكان بنو إسرائيل أفضل منه في ذلك؛ لأنهم سمعوه من موسى نبي الله وهو أفضل من الشجر والحجر. فَلِمَ سُمِّي موسى إذن كَليم الرحمن؟ ! ولِمَ قال الله تعالى: {يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: ١٤٤]. وقال تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَامُوسَى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} [طه: ١١ - ١٢]؟ ولا يقول له هذا إلا الله تعالى، وإذا ثبت هذا فالصوت ما سُمع وما يتأتى سماعه. - أمَّا السُّنة: فقد جاءت فيها أخبار مصرحة بذكر الصوت: فقد نقل عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه ذلك حيث قال: يا أبه! إن الجهمية يزعمون أن الله تعالى لا يتكلم بصوت، فقال: كذبوا إنما يديرون على التعطيل. وفي السنة لعبد الله: سألتُ أبي -رحمه الله- عن قوم يقولون: لَمَّا كَلَّم الله -عزَّ وجلَّ- موسى لم يتكلم بصوت، فقال أبي: بلى؛ إن ربك -عزَّ وجلَّ- تكلم بصوت، هذه الأحاديث نرويها كما جاءت. ثم قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن سليمان بن مهران الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء. قال السجزي: وما في رواة هذا الحديث إلا إمام مقبول. وقد روي مرفوعًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. =