قَوْلُهُ:(قيعان)[١٣٨ / ب] بكسر القاف، جمع قاع، وهو: الأرض المستوية الملساء الَّتِي لا تنبت.
قَوْلُهُ:(فقه) بضم القاف، أي: صار فقيهًا، وَقَالَ ابن التين: رويناه بكسرها، والضم أشبه.
قَالَ القرطبي وغيره: ضرب النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لما جاء به من الدين مثلًا بالغيث العام الَّذِي يأتي الناس في حال حاجتهم إليه، وكذا كَانَ حال الناس قبل مبعثه، فكما أن الغيث يُحيي البلد الميت فكذا علوم الدين تُحيي القلب الميت، ثُمَّ شبه السامعين له بالأرض المختلفة الَّتِي ينزل بِها الغيث.
فمنهم: العالم العامل المعلم، فهو بمنزلة الأرض الطيبة شربت فانتفعت في نفسها وأنبتت فنفعت غيرها.
ومنهم: الجامع للعلم استغرق لزمانه فيه غير أنه لَم يعمل بنوافله، أو لَم يتفقه فيما جمع لكنه أَدَّاه لغيره، فهو بمنزلة الأرض الَّتِي يستقر فيها الماء فينتفع الناس به، وهو المشار إليه بقوله:"نضر الله امرأً سمع مقالتي فأداها كما سمعها"(١).
ومنهم: من يسمع العلم فلا يحفظه ولا يعمل به ولا ينقله لغيره، فهو بمنزلة الأرض الملساء الَّتِي لا تقبل الماء وتفسده عَلى غيرها.
وإنَّما جمع في المثل بين الطائفتين الأوليين المحمودتين لاشتراكهما في الانتفاع بهما، وأفرد الطائفة الثالثة المذمومة لعدم النفع بِها، والله أعلم.
* ثُمَّ ظهر لي أن في كل مثل طائفتين:
فالأول: قد أوضحناه.
والثاني: الأُولَى منه: من دخل في الدين ولَم يسمع العلم، أو سمعه فلم يعمل به ولَم يُعَلِّمه، ومثلها من الأرض السباخ، وأشير إليها بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من لَم يرفع بذلك رأسًا"، أي: أعرض عنه، فلم ينتفع به ولا نفع.
(١) أخرجه بألفاظ مقاربة أبو داود في "سننه" (كتاب العلم، باب: فضل نشر العلم) برقم (٣٦٦٠)، والترمذي في "الجامع الصحيح" (كتاب العلم، باب: الحث عَلى تبليغ السماع) برقم (٢٦٥٦، ٢٦٥٧، ٢٦٥٨).