للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والثانية منه: من لَم يدخل في الدين أصلًا، بل بلغه فكفر به، ومثالها من الأرض الصماء الملساء المستوية الَّتِي يمر عليها الماء فلا تنتفع به، وأشير [إليها] (١) بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولَم يقبل هدى الله الَّذِي جئتُ به".

وَقَالَ الطيبي: بقي من أقسام الناس قسمان:

أحدهما: الَّذِي انتفع بالعلم في نفسه ولَم يعلِّمه غيره.

والثاني: من لَم ينتفع به في نفسه وعلَّمه غيره.

قُلْت: والأول داخل في الأول؛ لأن النفع حصل في الجملة وإن تفاوتت مراتبه، وكذلك ما تنبته الأرض، فمنه: ما [١٣٩ / أ] ينتفع الناس به، ومنه ما يصير هشيمًا.

وأما الثاني: فإن كَانَ عَمِل الفرائضَ وأَهْمَل النوافلَ فقد دخل في الثاني كما قررناه، وإن كَانَ تَرَك الفرائضَ أيضًا فهذا فاسق لا يَجوز الأخذ عنه، ولعله يدخل في عموم: "من لَم يرفع بذلك رأسًا"، والله أعلم.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ إسحاق: وَكَانَ منها طائفة قيّلت) أي: بتشديد الياء التحتانية، أي: أن إسحاق -وهو ابن رَاهويه- حيث روى هذا الحديث عن أبي أسامة خالف في هذا الحرف.

قَالَ الأصيلي: هو تصحيف من إسحاق، وَقَالَ غيره: بل هو صواب ومعناه: شربت، والقيل: شرب نصف النهار، يقال: قيلت الإبل، أي: شربت في القائلة.

وتعقبه القرطبي بأن المقصود لا يختص بشرب القائلة، وأجيب بأن يكون هذا أصله لا يمنع استعماله عَلى الإطلاق تَجوزًا.

وَقَالَ ابن دُرَيد: يقيل الماء في المكان المنخفض إِذَا اجتمع فيه.

وتعقبه القرطبي أيضًا بأنه يفسد التمثيل؛ لأن اجتماع الماء إنما هو مثال الطائفة الثَّانِيَة، والكلام هنا إنما هو في الأُولَى الَّتِي شربت وأنبتت، قَالَ: والأظهر أنه تصحيف.


(١) زيادة من "الفتح".

<<  <  ج: ص:  >  >>