للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَماعة، ولا يحتاج إلَى اشتراط النسخ، لأن عيسى كَانَ قد أرسل إلَى بني إسرائيل بلا خلاف فمن أجابه منهم نسب إليه، ومن كذبه منهم واستمر عَلى يهوديته لَم يكن مؤمنًا بنبيه.

نعم؛ من دخل في اليهودية من غير بني إسرائيل، أو لَم يكن بحضرة عيسى فلم يبلغه دعوته، يصدق عليه أنَّه يهودي مؤمن؛ إذ هو مؤمن بنبيه موسى ولَم يكذب نبيًّا آخر بعده، فمن أدرك بعثة مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - ممن كَانَ بهذه المثابة وآمن به لا يشكل أنَّه يدخل في الخبر المذكور، ومن هذا القبيل العرب الَّذِينَ كانوا باليمن وغيرها مِمَّن دخل منهم في اليهودية ولَم تبلغهم دعوة عيسى لكونه أرسل إلَى بني إسرائيل خاصة.

نعم؛ الإشكال في اليهود الَّذِينَ كانوا بحضرة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد ثبت أن الآية الموافقة لهذا الحديث وهي قَوْلُهُ تعالَى: {أُوْلَئِكَ يُؤْتَونَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ} [القصص: ٥٤]. نزلت في طائفة آمنوا منهم: كعبد الله بن سلام وغيره، ففي الطبراني من حديث رِفَاعة القُرظي قَالَ: نزلت هذه الآيات فيَّ وفيمن آمن معي (١).

وروى الطبراني بإسناد صحيح عن عدي بن رفاعة القُرظي قَالَ: خرج عشرة من أهل الكتاب -منهم أبي رفاعة- إلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فآمنوا به فأوذوا فنزلت: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢)} [القصص: ٥٢]. الآيات (٢)، فهؤلاء من بني إسرائيل ولَم يؤمنوا بعيسى، بل استمروا عَلى اليهودية إلَى أن آمنوا بمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وقد ثبت أنهم يؤتون أجرهم مرتين.

قَالَ الطيبي: فيحتمل إجراء الحديث عَلى عمومه؛ إذ لا يبعد أن يكون طرآن الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - سببًا لقبول تلك الأديان وإن كانت منسوخة. انتهى، وسأذكر ما يؤيده بعدُ.


(١) "المعجم الكبير" (٥/ ٥٣)، ولكن ذكر قَوْلهُ تعالَى: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}. ولَم يكمل الآيات.
ولكن أخرجه البُخَاريّ في "التاريخ الكبير" (٦/ ٢٧٤ - ٢٧٥)، وفيه قوله تعالَى: {أُوْلَئِكَ يُؤْتَونَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ}.
(٢) "تفسير الطبري" تفسير قَولهُ تعالَى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ}. (١٠/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>