للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عائشة: "ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتابًا، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر". أخرجه مسلم وللمصنف معناه (١).

ومع ذلك فلم يكتب، والأول أظهر لقول عُمر: "كتاب الله حسبنا" أي: كافينا، مع أنه يشمل الوجه الثاني لأنه بعض أفراده، والله أعلم.

* فائدة:

قال الخطابي: إنَما ذهب عُمر إلَى أنه لو نص بما يزيل الخلاف لبطلت فضيلة العلماء وعُدم الاجتهاد، وتعقبه ابن الجَوْزي بأنه لو نص على شيء أو أشياء لم يبطل الاجتهاد؛ لأن الحوادث لا يُمكن حصرها، قال: وإنما خاف عُمر أن يكون ما يكتبه في حالة غلبة المرض فيجد بذلك المنافقون سبيلًا إلَى الطعن في ذلك المكتوب، وسيأتي ما يؤيده في أواخر المغازي.

قَوْلُهُ: (ولا ينبغي عندي التنازع) فيه إشعار بأن الأولى كان المبادرة إلَى امتثال الأمر، وإن كان ما اختاره عمر صوابًا؛ إذ لم يتدارك ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدُ كما قدمناه.

قال القرطبي: واختلافهم في ذلك كاختلافهم في قوله لَهم: "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة" (٢). فتخوف [١٥٨/ ب] ناس فوت الوقت فصلوا، وتمسك آخرون بظاهر الأمر فلم يصلوا، فما عنف أحدًا منهم من أجل الاجتهاد المسوغ والقصد الصالح، والله أعلم.

قَوْلُهُ: (فخرج ابن عباس يقول) ظاهره أن ابن عباس كان معهم، وأنه في تلك الحالة خرج قائلًا هذه المقالة، وليس الأمر في الواقع على ما يقتضيه هذا الظاهر، بل


(١) أخرجه مسلم في "صحيحه" (كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -) برقم (٢٣٨٧)، والبخاري في "صحيحه" (كتاب المرضى، باب: ما رخص للمريض أن يقول: إني وجع، أو وارأساه، أو اشتد بي الوجع) برقم (٥٦٦٦).
(٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" (كتاب الخوف، باب: صلاة الطالب والمطلوب راكبًا وإيماءً) برقم (٩٤٦)، وفي (كتاب المغازي، باب: مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب ومخرجه إلَى بني قريظة ومحاصرته إيّاهم) برقم (٤١١٩)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب الجهاد والسير، باب: المبادرة بالغزو وتقديم أهم الأمرين المتعارضين) برقم (١٧٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>