فهذه أربعة أقسام فيمين التهمة هي التي تترتب على دعوى غير محققة كما مر في شروط الدعوى ويمين القضاء هي الواجبة في حق الميت ونحوه مما يأتي ذكره ويمين المنكر وهي ما كانت في مقابة دعوى محققة واليمين مع الشاهد أو ما يقوم مقامه وهي ما كانت متممة لنصاب البينة وقد تقدم الكلام على هذين القسمين الأخيرين في الشهادات وذكرهما هنا أيضا (ثم) شرع يتكلم على القسم الأول منها فقال
(وتهمة أن قويت بها تجب ... يمين مطلوب وليست تنقلب)
فلو أتى بالفاء لكان أحسن لأن هذا البيت مفرع على البيت قبله والمعنى أن التهمة إذا قويت توجهت بسببها اليمين على المطلوب المتهم ولا تنقلب اليمين على الطالب إذا أراد المطلوب قبلها عليه في القول المشهور وما درج عليه الناظم أحد أقوال أربعة في المسئلة ففي برنامج الشوارد للشيخ عظوم في فصل الصداق نقلًا عن ابن ناجي ما محصله يتحصل في يمين التهمة أربعة أقوال (الأول) توجهها مطلقًا (الثاني) عدمه مطلقًا (الثالث) يحلف المتهم دون غيره (الرابع) إذا قويت التهمة توجهت وإلا فلا أفتى به ابن رشد في أجوبته والذي جرى به العمل عندنا توجيهها مطلقًا والمشهور لا تنقلب وبه العمل انتهى. وفي نوازل الدعاوي من المعيار أن المشهور والذي به العمل هو توجيه يمين التهمة مطلقًا ولا يخرج عن ذلك إلا ما فيه معرة كدعوى الغصب والسرقة على صالح فإنه لا تتوجه فعلى هذا قول الناظم يشمل الصورتين ولا يعترض عليه بأنه ذهب على خلاف المشهور والمعمول به وعليه فيستثنى من كلام صاحب المعيار المبرز في الخير فلا يمين عليه بالتهمة في غير دعوى الغصب والسرقة أيضا كما حرره الشيخ المهدي في الحاشية هنا وقول ابن ناجي والذي جرى به العمل عندنا توجهها مطلقا من غير استثناء أحد غير ظاهر من جهة النظر والظاهر ما نقله صاحب المعيار عن العبدوسي وبه أخذ أبو البقاء الشيخ يعيش الشاوي وتبعه تلميذه التاودي وجماعة من المحققين لكن لما جرى العمل بالإطلاق فلا يعدل عنه إلى غيره والله أعلم (مسألة)