وفي مسائل ابن زرب كان ابن زرب رحمه الله يقول إذا قام رجل على آخر بدعوى يتهمه فيها فوجبت اليمين على المدعى عليه فليس له ردها ولا يحلف المدعى عليه إذا كان ممن تأخذه اليمين على التهمة حتى يحلف المدعي لقد ضاع له ما ادعاه على المقوم عليه وحينئذ يحلف المدعى عليه إذا قال للمدعي لم يضع لك شيء وإنما تريد أن تحرجني باليمين وبهذا كان يحكم ويقول أنها من دقيق المسائل انتهى من التبصرة الفرحونية (ثم) أخذ يتكلم على القسم الثاني وهو يمين القضاء وموضعين من مواضعها وأن اليمين إذا أديت لا تعاد وإن مر عليها حين فقال
(وللتي بها القضا وجوب ... في حق من يعدم أو يغيب)
(ولا تعاد هذه اليمين ... بعد وإن مر عليها حين)
يعني أن يمين القضاء في حق من يعدم بالبناء للنائب أي يموت أو يغيب غيبة بعيدة أو قريبة مع عدم الأمن أن كان من أهل ولايته واجبة على طالب هذين الصنفين بحيث لا يتم حكم الحاكم إلا بها فهي شرط صحة وذلك على وجه الاستحسان احتياطًا على أموالهما لكونهما لا يدفعان عن أنفسهما في الحال لامتناع ذلك أما مطلقًا في حق الميت أو مع إمكانه منه في المستقبل في حق الغائب ومن كان على شاكلته من صبي ومجنون فقدر الفقهاء على فرض حضورهما أنه لو ادعى كل واحد منهما أنه قضى غريمه ولا بينة له فإن اليمين تجب له على غريمه الطالب له فكذلك هنا وذلك بعد سماع بينته وتزكيتها فيحلف في المسجد الجامع حيث كان المال له بال قائمًا مستقبل القبلة بالله الذي لا إله إلا هو ما قبضت من فلان الميت أو الغائب شيئًا من الدين الذي ثبت لي عليه عند فلان قاضي كذا ولا قبضت عنه شيئًا ولا استحلت على أحد ولا أحل به أحدًا ولا وهبته له ولا شيئًا منه ولا قدمت أحدًا يقتضيه منه وأنه لساق عليه إلى يمينه هذه ولا بد من كتب القاضي في حكمه صورة اليمين وأسماء الشهود ليجد الغائب مدفعا عند قدومه لأنه باق على حجته إذا قدم فإذا أبدا مطعنًا في تلك البينة