الشفعة فليست بيعا ولا حلا للبيع بل هي باطلة من أصلها لتعلق حق الشفيع بالمبيع إذا لو كانت بيعا لخير الشفيع في الأخذ بالشفعة بالبيع الأول أو الثاني ليكتب عهدته على من أخذ ببيعه مع إنه يأخذ بالبيع الأول ويكتب عهدته على المشتري ولو كانت حلا للبيع لسقطت الشفعة مع إنها لا تسقط بها لأنها كالعدم. وإلا في المرابحة فهي فيها حل للبيع ويظهر أثرها فيمن اشترى سلعة بعشرة مثلاً وباعها مرابحة بخمسة عشر ثم وقعت الإقالة بينهما فيها فإنه لا يجوز له أن يبعيها ثانياً مرابحة إلا على أن رأس مالها عشرة ولا يبيعها على أن رأس مالها خمسة عشر إلا إذا بين أو افترقا وتباعد ذلك ثم بعد ذلك تقايلا فهو بيع مبتدأ وإن سمياه إقالة وله أن يبيع على الثمن الأخير كما في ابن راشد. وينبني على إنها بيع وجوب اشتمالها على شروط البيع وتتوجه اليمين على منكرها وعلى إنها حل للبيع فلا بد من شروط التبرع بحيث لا تصح إلا ممن له التبرع وهو الرشيد ولا تتوجه اليمين على منكرها هذا كله إذا وقعت بمثل الثمن وأما إذا وقعت بأقل من الثمن أو أكثر فهي بيع اتفاقا وحينئذ فيتحرز فيها من بيع الطعام قبل قبضه ومن بيع وسلف كما لو أسلم إليه في عروض أو طعام ثم أقاله قبل الأجل أو بعده من بعض ويأخذ منه بعضا لم يجز لأنه بيع وسلف مع ما في الطعام من بيعه قبل قبضه ويتحرز فيها من سلف بمنفعة كما يأتي في النظم (والأصل) في مشروعيتها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه إلا ما كان من إقالة أو شركة أو تولية (قال) ابن راشد وإذا جاز ذلك في الطعام جاز في غيره بطريق الأولى وقد ندب صلى الله عليه وسلم البائع إلى الإقالة فقال من أقال نادما أقاله الله يوم القيامة الحديث (قال) مالك رضي الله تعالى عنه أجمع أهل العلم على أن لا بأس بالإقالة وإلى هذا أشار الناظم بقوله
(إقالة تجوز فيما حلا ... بالمثل أو أكثر أو أقلا)
يعني أن الإقالة جائزة في بيع الأصول وغيرها في الذي حل ثمنه بمثل الثمن الأول أو أكثر للسلامة من التهمة أو أقل إذا كان غير طعام وإما الإقالة في الطعام فلا تجوز