يعني أن المدين إذا أدعى العدم وأثبت عذره بشهادة بينة لا مطعن فيها بأنه معدم وحلف معها واستظهر بها من أول الأمر لدى القاضي فإنه ينظر وجوبا إلى أن يحصل له اليسر فيؤدي ما عليه لقول الله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة الآية (ورابعها) قوله
(أو من على الأموال قد تقعدا ... فالضرب فالسجن عليه سرمدا)
حتى يؤدي ما عليه قعدا يعني أن من كان معلوم الغنا وتقاعد عن أداء ما عليه من الدين لربه فإنه يحكم عليه بالضرب والسجن ولا يخرج منه أبدا ولو ابيضت عيناه حتى يؤدي ما عليه ولا يؤخذ منه حميل لأنه ظالم بمطلة إلا أن يلتزم الحميل بدفع المال في الحال إن عرف أنه من أهل الناض قاله القاضي عياض وليس للإمام أن يبيع كسبه كما يبيع على المفلس لأن المفلس قد ضرب على يديه ومنع من ماله وهذا ليس كذلك قاله ابن عبد السلام فإذا لم تكن له مكاسب ظاهرة وأدعى العدم وأتى ببينة تشهد له بذلك فلا تنفعه وإلى هذا أشار بقوله
(ولا التفات عند ذا لبينة ... لما أدعى من عدم مبينة)
إلا إذا اثبتت البينة ضياع المال بسبب حرق أو سرقة أو غصب ونحو ذلك فإنها تقبل وقوله (وأن أتى بضامن فبالادا) يعني حالا كما تقدم عن عياض وقوله (حتى يؤدي ما عليه قعدا) هو غاية لقوله بالضرب والسجن كما وصلناه به وقوله مبينه في البيت قبله صفة لبينه (وخامسها) من لم يعلم حاله من يسر أو عسر وهو مجهول الحال وهو أما غير متهم بإخفاء ماله وإما متهم وبدا بالأول منهما فقال