وقد بين الله ﷿ هذا في القرآن، بقوله: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُون (٨٧)﴾ [الزخرف]، وقال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُون (٦١)﴾ [العنكبوت]، ومن ذلك: الآيات التي ذكرها الشيخ في سورة يونس: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُم مِنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ﴾ إلى قوله: ﴿أَفَلَا تَتَّقُون (٣١)﴾ [يونس]؛ أي: أفلا تخافون الله، فتتركون عبادة من سواه، وتخصونه بالعبادة؛ لأن الذي هذا شأنه هو المستحق لأن يُعبد. أما المعبودات الأخرى فهي لا تملك من هذا شيئًا ولا تستطيعه.
ومن ذلك الآيات التي في سورة المؤمنون: ﴿قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا﴾ إلى قوله: ﴿فَأَنَّى تُسْحَرُون (٨٩)﴾ [المؤمنون: ٨٤ - ٨٩]، فأخبر أنهم يقرون بذلك كله لله، الأرض والسماوات والملك كله، فوبخهم سبحانه على الإشراك به وعبادة غيره معه وهو رب هذه العوالم، فقال سبحانه: ﴿أَفَلَا تَذَكَّرُون (٨٥)﴾، ﴿أَفَلَا تَتَّقُون (٨٧)﴾، ﴿فَأَنَّى تُسْحَرُون (٨٩)﴾.
فاحتج الله تعالى عليهم بما أقروا به من ربوبيته على ما أنكروه من إخلاص الدين له، وإخلاص العبادة، فإن توحيد الربوبية يستلزم توحيد العبادة عقلًا، سبحان الله! خالق هذا الوجود، ومدبره، وخالق السماوات والأرض ومن فيهن، وخالق الناس ومالكهم؛ أما يستحق العبادة، والخوف والرجاء، والتوكل والتفرد؟!
والآيات المبينة والمظهرة لهذا التوحيد كثيرة، أفلا تذكرون، وتتقون؟! أفمن يخلق كمن لا يخلق؟! ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ لَا