للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشيخ :

وهذا التوحيد هو معنى قولك «لا إله إلا الله» فإن الإله عندهم هو الذي يُقصد لأجل هذه الأمور: سواء كان ملكًا أو نبيًا أو وليًا أو شجرة أو قبرًا أو جنيًا، لم يريدوا أن الإله هو الخالق الرازق المدبر، فإنهم يعلمون أن ذلك لله وحده كما قدمت لك، وإنما يعنون بالإله: ما يعني المشركون في زماننا بلفظ: «السيد»، فأتاهم النبي يدعوهم إلى كلمة التوحيد وهي: «لا إله إلا الله»، والمراد من هذه الكلمة معناها، لا مجرد لفظها.

والكفار الجهال يعلمون أن مراد النبي بهذه الكلمة هو: إفراد الله تعالى بالتعلق به، والكفر بما يعبد من دون الله والبراءة منه؛ فإنه لما قال لهم قولوا: «لا إله إلا الله» قالوا: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَاب (٥)[ص] (١).


(١) يشير الشيخ إلى ما أخرجه الترمذي (٣٢٣٢) عن ابن عباس ، قال: مرض أبو طالب فجاءته قريش وجاءه النبي ، وعند أبي طالب مجلس رجل، فقام أبو جهل كي يمنعه، وشكوه إلى أبي طالب، فقال: يا ابن أخي! ما تريد من قومك؟ قال: «إني أريد منهم كلمة واحدة تدين لهم بها العرب، وتؤدي إليهم العجم الجزية»، قال: كلمة واحدة؟ قال: «كلمة واحدة»، قال: «يا عم، قولوا: لا إله إلا الله»، فقالوا: إلهًا واحدًا ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة، إن هذا إلا اختلاق، قال: فنزل فيهم القرآن: ﴿ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْر (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاق (٢)﴾ [ص]، إلى قوله: ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلَاق (٧)﴾ [ص]، قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».

<<  <   >  >>