للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك كله، وهو قوله: «عرفت حينئذٍ التوحيد الذي دعت إليه الرسل وأبى عن الإقرار به المشركون»، وهو توحيد العبادة، واقرأ قصص الأنبياء، فقصص الأنبياء فيها بيان ما كانت عليه هذه الأمم من الشرك في العبادة، والضلال عن هذا التوحيد، يقول الله تعالى: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيب (٦١) قَالُوا يَاصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيب (٦٢)[هود]، وكلهم كانوا على هذا المنوال؛ كما قال تعالى أنهم قالوا لرسلهم: ﴿إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِين (١٠)[إبراهيم]، فالرسل كل واحد منهم كان يخاطب قومه قائلًا لهم: ﴿اعْبُدُوا اللّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُون (٦٥)[الأعراف].

وقد أجمل الله هذا كله - أعني: ما فصله من قصص الأنبياء - في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُون (٢٥)[الأنبياء]، فتبين من ذلك أن التوحيد الذي دعت إليه الرسل هو توحيد العبادة، ومع ذلك يزعم كثير من المتأخرين أن التوحيد الذي دعت إليه الرسل، هو الإقرار بأن الله هو النافع الضار، وأنه الخالق؛ بل يزعمون أن هذا هو معنى «لا إله إلا الله»، وهذا من أفحش الغلط والجهل بأصل الدين الذي بعث الله به رسله.

<<  <   >  >>