الذي يحيي ويميت، ويخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، ومع ذلك يعدلون به سواه؛ ولهذا يقول الله بعد كل آية: ﴿أَفَلَا تَذَكَّرُون (٨٥)﴾ [المؤمنون]، وهذا توبيخ لهم؛ والمعنى: إذا كنتم تقرون بأن الله هو الذي يرزقكم من السماء والأرض، ويملك السمع والأبصار، ويخرج الحي من الميت، وهو الذي يدبر الأمر إذًا، فاعبدوه؛ لأن من هذا شأنه هو المستحق للعبادة؛ شرعًا وعقلًا.
وكان المشركون الأولون يدعون الله ﷾ ليلًا ونهارًا - لاسيما في الشدائد -، ويدعون معه غيره، فمنهم من يدعو الملائكة، ومنهم من يدعو الأنبياء، ومنهم من يدعو الصالحين؛ فقاتلهم النبي ﷺ كلهم، ولم يفرق بينهم على هذا الشرك، ودعاهم إلى إخلاص العبادة لله، والإقرار بأنه المستحق للعبادة وحده دون ما سواه قال تعالى: ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (١٨)﴾ [الجن]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِين (١٠٦)﴾ [يونس]، وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير (٦٢)﴾ [الحج]، وقال تعالى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ﴾ [الرعد: ١٤]، أي: له وحده؛ لأن الجار والمجرور يفيد الحصر، فهو وحده المستحق بأن يُدعى ويُرجى ويُخاف؛ لأنه ﷾ هو الذي يجيب الدعاء. أما هؤلاء فلا، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُون (٥)﴾ [الأحقاف].
قوله:«إذا تحققت أنهم مقرون … » إذا أداة شرط؛ والمعنى: إذا عرفت وتحققت من كل ما سبق وهذا شرط، ثم جاء جواب الشرط بعد