للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وينزل الغيث، ويأتي هذا الرجل ويطلب من النبي أن يدعو الله أن يرفع السحاب عنهم (١)، والرجل الأعمى الذي قال: «يا رسول الله! ادع الله أن يعافيني» (٢)، إلى غير ذلك.

والحي يشفع، وقد شرع الله ﷿ جواز الدعاء للمؤمنين فقال لنبيه : ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [محمد: ١٩]، أما بعد موته فلا يجوز طلب الدعاء منه؛ لأنه وإن كان يسمع سلام المؤمن، فلا يلزم منه أن يسمع ممن يطلب منه الدعاء، ولو فرض أنه يسمع لكنه في قبره فليس حاله كحاله في الدنيا؛ ولهذا لم يكن الصحابة يأتون إلى قبره ويسألونه الدعاء؛ فضلًا عن أن يتقرب إليه أحدهم بصلاة أو نذر أو ذبح، أو أن يدعوه مباشرة، فيدعوه من بعد أو قرب، وإنما كان المسلمون بعد وفاة الرسول يرجون شفاعته يوم القيامة، ولما أجدبت الأرض واحتاجوا للسقيا؛ لم يأتوا ليطلبوا منه أن يستسقي لهم كما قال عمر : «اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا» (٣)، فعدل عن الاستسقاء بالنبي إلى الاستسقاء بالعباس ، وهذا يدل على أنه لا يجوز طلب الشفاعة من الميت.

فإذا قال لك القبوري: إن النبي أعطاه الله الشفاعة، فقل: نعم أعطاه الله الشفاعة، وأمرك أن لا تدعو مع الله أحدًا، فلما كان الله هو


(١) انظر: التخريج السابق.
(٢) رواه أحمد (٤/ ١٣٨)، وصححه الترمذي (٣٥٧٨)، وابن خزيمة (١٢١٩)، والحاكم (١/ ٣١٣) من حديث عثمان بن حنيف .
(٣) رواه البخاري (١٠١٠) من حديث أنس .

<<  <   >  >>