للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا يجوز بيع أموال الربا وما ألحق بها في علته، بعضها ببعض مؤجلاً، سواء اتحد جنسها أو اختلف، ولأنه لا يمكن جعل الأجل والإمهال عوضاً؛ لأنه ليس مالاً حتى يكون في مقابلة المال، فالإسلام بسمو تشريعاته لا يجعل للأجل بمجرده ثمناً؛ لأن الزمن ليس سلعة تباع وتشترى (١).

وشرط الحلول ليكون التقابض حالاً في مجلس العقد؛ تلافياً لأن يتم التقابض في وقت لاحق.

ويرى مجمع الفقه الدولي جواز تأخر القبض للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل؛ إذ قال: (يغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي، للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل، على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة إلا بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلي) (٢)

ومع أني أحاول ألا أخالف قرارات مجمعي الرابطة والمنظمة إلا أنني لا أوافق المجمع في قراره المذكور؛ لأن هذا القول يترتب عليه إلغاء شرط الحلول؛ ولأنه يعارض قول رسول الله (يداً بيد)، وقوله: (إلا هاء وهاء)، ولما رواه مالك بسنده عن مالك بن أوس ابن الحدثان النصري أنه التمس صرفاً بمائة دينار. قال فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراوضنا (٣) حتى اصطرف مني وأخذ الذهب يقلبها في يده، ثم قال حتى يأتيني خازني من الغابة (٤)، وعمر بن الخطاب يسمع، فقال عمر: والله لا تفارقه حتى تأخذ منه، قال : (الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء) رواه البخاري ومسلم (٥)، وقوله : (إلا هاء وهاء) أي خذ وهات (٦).


(١) التفسير الكبير، للرازي ٧/ ٩٧. وانظر: الربا والمعاملات المصرفية ص ٥٠، للدكتور عمر بن عبد العزيز المترك.
(٢) قرار رقم ٥٣ (٤/ ٦).
(٣) فتراوضنا أي تجارينا الكلام في قدر العوض بالزيادة والنقص، كأن كلاً منهما كان يروض صاحبه.
(٤) الغابة: الأجمة والغيظة وهي هاهنا: موضع مخصوص بالمدينة، كان لهم فيها أملاك.
(٥) موطأ مالك بشرح الزرقاني ٣/ ١٦٨، صحيح البخاري بشرحه ٤/ ٣٧٨، صحيح مسلم ٤/ ٩٦، جامع الأصول لابن الأثير ١/ ٤٥٤.
(٦) تبيين الحقائق ٤/ ٨٩.

<<  <   >  >>