للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني:

القبض الحكمي:

المراد بالقبض الحكمي هو: ما يقوم مقام القبض الحقيقي، ويأخذ حكمه. وقد قال الفقهاء بالقبض الحكمي في أحوال كثيرة، وأقاموه مقام القبض الحقيقي. وهو ما يستند فيه إلى شيء مادي مثل:

الشيك المصدق، إذا كان له رصيد قابل للسحب، بالعملة المكتوب بها عند استيفائه، وتم حجز المؤسسة له. أو سلمت دافعه إشعاراً بقبضه.

أو القيد المصرفي في حساب المشتري، فيكون له من الأحكام ما للقبض الحقيقي. وقد صدر بهذا قرار كل من المجمع الفقهي الإسلامي بمكة، (١) ومجمع الفقه الإسلامي بجدة. وأرى اعتبار هذه الوسائل قبضاً؛ لاستنادها إلى شيء مادي، وهو ما أقصده عند قولي بجواز القبض الحكمي، في هذا الكتاب أو غيره. على أن يكون هذا القيد ممثلاً حقيقياً لدخول كامل مبلغ الثمن في حساب العميل. أما إذا كان القيد لا يقابله دخول الثمن والمثمن في حساب العاقدين، فإنه حينئذ يكون حيلة فاسدة، ولا يصح أن يكون قبضاً؛ إذ يقع كثيرًا أن تبيع المصارف كميات من الذهب، أو العملات الأخرى دون أن يكون عندها المقدار المبيع؛ وذلك لعلمها أن المشتري لا يطلب استلام ذهبه، أو عملته التي اشتراها؛ لأنه يعتمد على القيود الدفترية فقط.

وبيع المصارف عملات غير مملوكة لها، فضلاً عن أن تكون موجودة لديها حرام، والعقد باطل شرعاً؛ لأنه فاقد لشرطي الحلول والتقابض، لقول النبي لحكيم بن حزام: «لا تبع ما ليس عندك» (٢). قال الترمذي: حديث حسن، وقال عنه في رواية أخرى: حسن صحيح. ولأن القيد الدفتري -والحالة هذه- لا يمثل قبضاً، وإنما هو وسيلة خداع.


(١) القرار السابع من الدورة الحادية عشرة، سنة ١٤٠٩ هـ.
(٢) سنن الترمذي ٥/ ٢٤٢ و ٢٤٣.

<<  <   >  >>