للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك أن طبيعة المضاربة في الأسواق المالية متقلبة، فيجازف المضارب فيها على التقلب، فيبيع عملة لم يشترها بعد، ثم يقترضها ليسلمها للمشتري، وينتظر هبوط السعر حتى إذا ما هبط اشتراها بسعر أقل، وسلمها للمقرض، فربح فرق السعر (١).

ولتخوف المضاربين من تقلبات الأسعار، فإن البيع على المكشوف قد صار ظاهرة في تلك الأسواق.

[حكمه]

يحرم البيع على المكشوف بنوعيه في المضاربة بالعملة، ويبطل العقد، لما يلي:

أولاً: لأن البيع على المكشوف بنوعيه السابقين ليس فيه تقابض، فتخلف شرط من شروط صحة الاتجار في النقود.

ثانياً: إن فيه جمعاً بين بيع وسلف، قال : (لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح مالم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك) صححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم (٢).

ثالثاً: يزيد النوع الثاني وهو بيع البائع العملة قبل تملكها، وهذا لا يجوز شرعا للحديث السابق، ولما جاء عن حكيم بن حزام أنه قال: سألت رسول الله فقلت: يا رسول الله يأتيني الرجل فيسألني البيع ليس عندي، أبيعه منه، ثم أبتاعه له من السوق؟ قال: «لا تبع ما ليس عندك». أي ما ليس في ملكك (٣). والعلة ليست عدم وجود موضوع العقد لدى البائع حين العقد، وإلا لم تجز الإجارة والمزارعة والاستصناع ونحوها، فإن محل العقد في هذه العقود غير موجود حين التعاقد، ولكن العلة هي الغرر، لعدم القدرة على التسليم حين الطلب، وهو هنا وقت العقد.


(١) أحكام التعامل في الأوراق المالية المعاصرة ٢/ ٧٤٣.
(٢) بلوغ المرام من أدلة الأحكام ص ١٤٤، للحافظ ابن حجر العسقلاني، نشر دار الكتاب العربي.
(٣) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>