للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع

الموقف الشرعي من إبرام العقد بوسائل الاتصال الحديثة

إبرام العقد عبر الإنترنت أو أي من الوسائل التي سبق ذكرها، يأخذ أحكام التعاقد بين حاضرين. وتسري عليه جميع أحكامه، كاشتراط اتحاد المجلس، وعدم صدور ما يدل على إعراض أحد العاقدين عن التعاقد، والموالاة بين الإيجاب والقبول بحسب العرف الشرعي، وما إلى ذلك من أحكام.

فإذا صدر القبول من الطرف الآخر، مستوفياً ما ذكرنا من الشروط، ينعقد العقد، لأن من المقرر فقهاً، أنه متى أعلن القابل عن رضاه بالإيجاب توافقت الإرادتان وتم العقد. وقد صدر بهذا قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي ونصه: «إذا تم التعاقد بين غائبين لا يجمعهما مكان واحد، ولا يرى أحدهما الآخر معاينة، ولا يسمع كلامه، وكانت وسيلة الاتصال بينهما هي الكتابة أو الرسالة أو السفارة (الرسول)، وينطبق هذا على البرق والتلكس والفاكس وشاشات الحاسب الآلي (الحاسوب)، ففي هذه الحالة ينعقد العقد عند وصول الإيجاب إلى الموجّه إليه وقبوله» (١).

ومن حق الطرف الراغب في التعاقد أن يتأمل الأمر المعروض عليه، ما داما في مجلس العقد، ولا يلزمه القبول فورًا خلافًا للشافعية.

والتعاقد يعد في هذه الحالات -من حيث الأصل- تعاقداً بين حاضرين من حيث الزمان، وغائبين من حيث المكان، ما لم يتفرقا من المجلس. أما إذا تفرقا من المجلس وقد جعل الموجب للطرف الثاني، مدة من الزمن، أكثر من فترة مجلس


(١) قرار رقم ٥٢/ ٣/ ٦.

<<  <   >  >>