للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العقد -في غير الصرف-، فإن التعاقد يكون حينئذ بين غائبين زماناً ومكاناً، والمعتبر في المجلس هو الاتحاد الزماني (١)، أما التعاقد بين الطرفين بواسطة الكتابة عبر الإنترنت، أو بالمراسلة عبر البريد الإلكتروني، أو عبر الموقع، فإنه يأخذ حكم التعاقد بين غائبين. ويرى بعض الفقهاء انعقاد العقد عند وصول الإيجاب إلى الموجه إليه وقبوله ولا يشترط علم الموجب بالقبول.

وأرى أن اشتراط علم الموجب بالقبول في هذه المعاملات، هو الذي يوافق مقاصد الشريعة في حفظ المال، نظراً لطبيعة التعاقد عبر هذه الوسائل في هذا العصر، وللحاجة الماسة إلى التثبت، تلافياً لاحتمال الاستغلال من بعض المتعاملين.

وقد اشترط ذلك المعيار الشرعي للمعاملات المالية بالإنترنت؛ إذ جاء فيه ينعقد العقد باستخدام الإنترنت -أياً كانت طريقة التعاقد- عند علم الموجب بقبول الطرف الآخر، ولا يكفي لانعقاد العقد مجرد صدور القبول (٢).

وفي بيع العملات بوسائل الاتصال الحديثة، يبدأ مجلس العقد من دخول الراغب في التعاقد إلى الموقع، وإصدار الإيجاب للطرف الثاني، ويستمر مجلس العقد حتى قبول القابل أو خروجه من الموقع. أو انقطاع التواصل، ما دام أنه لم يخرج أي منهما من مجلسه.

أما الرسالة الإلكترونية الموجهة عبر الموقع على الشبكة، أو عبر البريد الإلكتروني، المتعلقة بالعقد المزمع إبرامه، فإنها لا تعتبر إيجاباً، إذا كانت لا تتضمن بيان جميع الحقوق والالتزامات الجوهرية، أو كان مرسلها قد اشترط لنفسه الحق في رفض العقد، ولو قبل الطرف الآخر، إذ إن من شروط الإيجاب شرعاً أن يكون باتًّا منجزًا لا يحتمل أمرًا آخر (٣).


(١) فتح القدير ٣/ ١٩٠ - ١٩٢، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٣/ ٥، ومغني المحتاج ٢/ ٥، والمغني ٣/ ٤٨١، وينظر أيضاً: المدخل الفقهي العام ١/ ٣٤٨.
(٢) بند ٦/ ١.
(٣) فتح القدير ٣/ ١٩٠ - ١٩٢، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٣/ ٥، ومغني المحتاج ٢/ ٥، والمغني ٣/ ٤٨١.

<<  <   >  >>