للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني

حكم الاتجار في العملات بواسطة المنصات الإلكترونية

تبين من تعريف، وتوصيف ما يسمى بالاتجار بواسطة المنصات الإلكترونية، أنها قمار؛ لانطباق تعريف القمار عليها. فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (القمار معناه: أن يؤخذ مال الإنسان وهو على مخاطرة هل يحصل له عوضه أو لا يحصل له) (١)، وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: (الميسر: هو جميع المغالبات التي فيها عوض من الجانبين كالمراهنة ونحوها) (٢) فهي حرام لا تجوز شرعاً، وعقودها باطلة، لأنها منصات قمار، لا تمثل بيعاً ولا شراءً حقيقياً، ولا يوجد فيها عوض ومعوض، وإنما أطلق على عقدها اسم بيع خداعاً للناس، وتسهيلاً لحساب أرباح وخسائر المقامر، والدليل على حرمتها قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)﴾ سورة المائدة. والميسر هو القمار (٣).

ولأن هذه المعاملة من أكل أموال الناس بالباطل، وقد نهى الله عن ذلك في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ (٢٩) سورة النساء.

ولإجماع الأمة على تحريم القمار. (٤)


(١) مجموع الفتاوى ١٩/ ٢٨٣.
(٢) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ٢/ ٣٣٨.
(٣) تسيير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير ٢/ ٨٠، لمحمد نسيب الرفاعي، مكتبة المعارف، الرياض، ط جديدة، سنة ١٤١٠ هـ- ١٩٨٩ م.
(٤) تفسير القرطبي المسمى (الجامع لأحكام القرآن) ٣/ ٥٢، لأبي عبد الله بن أحمد القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت

<<  <   >  >>