للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث السادس

حكم المصارفة بالوديعة المصرفية

المصارفة بالوديعة جائزة عند المالكية والحنابلة، وقيد المالكية الجواز إذا كانت الوديعة حاضرة (١).

وبناءً عليه فإن الوديعة المصرفية تكون جائزة عندهما؛ إذ لا فرق بين الوديعة المصرفية وغير المصرفية، بل إن الوديعة المصرفية أولى بالجواز لحضورها، وضمان المودَع لها، وإمكانية تسليمها للمودع عند طلبها.

ويتخرج القول بجوازها على مذهب الحنفية والشافيعة والرواية الأخرى عند المالكية؛ لأن منعهم الصرف بالوديعة، معلل بعدم دخولها في ضمان المودَع، أو لعدم حضورها، وهذا غير متحقق في الوديعة المصرفية في العصر الحاضر، قال الباجي: «ولأن حق المودع متعلق بعين مال-[أي المال المودَع]- ولم يتعلق بذمة الشخص المودع، فلا يجوز أن يصارف به إلا عند حضوره» (٢).

ويقول الإمام الشافعي: «وإذا كان للرجل عند الرجل دنانير وديعة، فصارفه فيها، ولم يقر الذي عنده الدنانير أنه استهلكها حتى يكون ضامناً، ولا أنها في يده حين صارفه فيها، فلا خير في الصرف؛ لأنه غير مضمون ولا حاضر» (٣).

فتعليل المانعين بغياب الوديعة، أو عدم ضمانها، غير موجود في الودائع المصرفية في هذا العصر؛ لأنها موجودة، ومضمونة على المصرف، وهي وإن سميت وديعة، فقد كيّفها مجمع المنظمة أنها قرض (٤). وقال بذلك كثير من الباحثين المعاصرين، وذلك لأن الوديعة لو تلفت لا يضمنها المودَع، والودائع


(١) الشرح الكبير ٣/ ٢٧، للدردير، بلغة السالك ١/ ١٦، المغني ٦/ ١١٨ و ١١٩، كشاف القناع ٣/ ٢٧٠.
(٢) المنتقى ٤/ ٢٦٣.
(٣) الأم ٦/ ٩١.
(٤) قرار المجمع ١/ ٩٧/ ١٩٦.

<<  <   >  >>