للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معلوم في المستقبل، بحيث يتم تبادل العملتين معاً في وقت واحد، في التاريخ المعلوم، فالعقد غير جائز؛ لأن القبض شرط لصحة تمام العقد ولم يحصل) (١)، كما صدر بهذا قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة (٢).

ويرى بعض الباحثين أن هذا من المواعدة في الصرف، وأنه جائز (٣)؛ تخريجاً على ما نسب للإمام الشافعي وابن حزم من قولهما بجواز المواعدة في الصرف (٤). وهذا التخريج لا يصح؛ لأن قول الإمام الشافعي حمل على غير مراده؛ إذ إنه يقول «وإذا تواعد الرجلان الصرف، فلا بأس أن يشتري الرجلان الفضة، ثم يقرانها عند أحدهما حتى يتبايعاها ويصنعا بها ماشاء» (٥)، فقول الشافعي: أن يشتري الرجلان الفضة ثم يقرّانها عند أحدهما تعيين للعين التي يقع الوعد بشرائها. وقوله: حتى يتبايعاها دليل على أنه لا اعتبار لذلك الوعد؛ إذ لا بد من عقد جديد فالاحتجاج برأي الشافعي وابن حزم احتجاج في غير محله؛ لأن قولهما بالجواز هو في الوعد غير الملزم؛ يقول ابن حزم: ( … تبايعا بعد ذلك أو لم يتبايعا؛ لأن التواعد ليس بيعاً) (٦).

ولأن واقع الحال في أسواق الصرف، يثبت أن ما يتعامل به المضاربون عقدٌ، وليس وعداً؛ لأنه يتم فيه تحديد سعر كل من العملتين، والتزام كل طرف بالوفاء به، في الوقت المحدد، حتى لو تغيرت الأسعار، فلو كان وعداً غير ملزم لتنصلت المصارف من الوفاء به في الوقت المحدد، ولما رأيت أحداً من المتعاملين - في حالة تغير الأسعار لغير صالحه- يقبل الخسارة، أو يفوت على نفسه فرصة تحقيق مكسب كبير، من أجل وعد غير ملزم (٧).


(١) القرار الثاني الدورة الثالثة عشرة المنعقدة عام ١٤١٢ هـ.
(٢) قرار رقم ١٠٢ صادر عن الدورة الحادية عشرة المنعقدة عام ١٤١٩ هـ.
(٣) تطوير الأعمال المصرفية ص ٣١٨، الترشيد الشرعي للبنوك القائمة ص ١٩٦.
(٤) المحلى ٩/ ٥٨٣.
(٥) الأم ٦/ ٩٢.
(٦) المحلى ٩/ ٥٨٣.
(٧) تحول المصرف الربوي إلى مصرف إسلامي ١/ ٢٨٤.

<<  <   >  >>