قال: هذا شيء ما أعرفه ولكني لا أعيبه، ولقد طربت لما سمعت.
قلت: أفلا أُسمعك من شعر أهل زماننا؟
قال متعجباً: وإن لأهل زمانكم لَشعراً؟
قلت: ولِمَ لا يكون؟ اسمع مقطوعة من حديث الشعر لشاعر اسمه فياض، قالها على لسان المتنبي أكبر شعراء العرب كأنه يعلّمه بها كيف يكون القول.
قال: هذا لعمري النبوغ، فماذا قال؟
قلت: قال:
جسدي النازل من شهوته ... سُلَّمَ العار وروحي السامية
يا لَعُمرٍ مَشَيا فيه معاً ... ... ... ... ... ... ... ... ...
فوثب كمن داس على جمرة أو لسعته عقرب، فأمسك بفمي، فسكتُّ فزعاً وقلت: ما لك؟
قال: ما هذا؟
قلت: شعر جديد.
قال: أعوذ بالله، "جسدي النازل من شهوته"؟ وهل كانت شهوته جبلاً عالي الذرى أو قصراً شامخ الدعائم حتى ينزل منها؟ وإلى أين ينزل؟ وهل بعد الشهوة من منحدر أو دونها منزل؟ وسلّم العار هذا: هل هو جسده؟ فيكف صار سُلَّماً؟
قلت: لعله أراد أن جسده ينزل على سلّم العار، أي ينحط