جَزوعاً، وإذا مَسَّهُ الخيرُ مَنوعاً، إلاّ المصلّين الذين هم على صَلاتِهم دائمون. إنّ الإنسانَ لَكَنودٌ. كلا، إنّ الإنسانَ لَيَطْغَى أنْ رآه استغنى.
كلامُ مَن هذا يا أخي عبد المنعم؟ أفبعدَ قول الله مقال لقائل؟ وإذا كان الله الذي خلق الإنسان على أحسن تقويم وكرَّمه وعلَّمه البيان يقول إنه ضعيف هَلوع، جَزوع من الشر مَنوع للخير، منكر للنعمة، كَفور قَتور كَنود عَجول جَدِل، يَطغى إذا استغنى، وإن هذا كله في طبيعته وتركيبه، تريد أن أؤمن به؟ وبِمَ أؤمن؟ إنّ ها هنا محذوفاً لا بد من تقديره، فالإيمان هو التصديق، ونحن إذ نؤمن بالله نصدّق بوجوده واتصافه بكل صفة خير وننزّهه عن كل صفة شر، فماذا تريدني أن أصدق حين أؤمن بالإنسان؟ أبكماله النسبي وسموّه وأنه مخلوق خَيِّر؟
إذا كان هذا هو المراد فأنا أؤمن، ولكن بالإنسان الذي أصلح إنسانيتَه بالإيمان والعمل الصالح، فإذا لم يفعل عادت هذه الإنسانية خُسراً لصاحبها ووَبالاً عليه، وكانت «حمارية» الحمار و «كلبية» الكلب خيراً من هذه «الإنسانية» في الدنيا وأنجى منها من العذاب في الآخرة! ولست أنا الذي يقول هذا الكلام وليس هذا رأياً أراه، ولكنه قول ربك الذي أقسم عليه ورب هذا الإنسان:{والعَصْرِ، إنّ الإنْسانَ لَفي خُسْرٍ، إلاّ الذينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصّالِحَاتِ وَتَواصَوْا بالحَقِّ وَتَواصَوْا بالصَّبْر}.
فإذا كنت تؤمن بالإنسان الذي أدرك ما خُلق له فسعى إليه، وعرف الله فأطاعه، فأنا معك. وإذا كنت تؤمن بالإنسان من حيث كان إنساناً فلا يا أخي؛ إني لم أجد دواعي هذا الإيمان. وهذا