ووظائف الإنشاء، نسيت مشروعاتي الأدبية التي رسمت خططها وأقمت أسسها، وأهملت بحوثي ومطالعاتي، وبعت ذكائي ومواهبي وشبابي برغيف من الخبز!
هذا ما قُدر عليّ، وإني راضٍ بما قدر.
* * *
إني أعيش بلا غاية، ولكنّ غايتي أن أعيش، أن أثبت وجودي في هذه الدنيا، كتلميذ كسلان ما جاء ليتعلم ولكن ليُعَدّ في التفقد موجوداً، أو موظف خامل مقصِّر. فلماذا إذن أعيش؟ ألأن لي حق الحياة؟ فلماذا لا يكون لي إذن حق الموت؟ ألا أملك أنا أمر نفسي؟ ولكن من أنا؟ ومن نفسي؟ أأنا اثنان في واحد؟ إني لا أستطيع التفكير في هذا.
وملأ نفسي الشعور بالوحشة، وأحسست في نفسي وفيما حولي فراغاً مخيفاً، وشعرت كأن الغرفة تتسع ثم تتسع حتى صار بين الجدران فضاء لا يدركه البصر! ثم ضاق بي الفضاء حتى كدت أختنق فيه، فخرجت إلى الشارع، وكان مَوْهناً من الليل.
* * *
تركت ميدان البرج يضحك بالكهرباء ويرقص على ألحان الأشعة التي تنسكب على الميدان من ذُرى البُنى الرفيعة، فتغمره بجو فاتن وتسيل على جوانبه، وتنسج فوقه شبكة منسوجة من ملايين الخيوط الملونة بمئات الألوان. وتركت الناس يحتفلون بعيد رأس السنة، لا يتأملون معاني الوجود وفلسفة الوجود