قال: بلى، أخذونا إليها في المدرسة، فأرونا صور القتال في «جناق قلعة»، وكانت في طريق الصالحية بعد «الخسته خانة»(١).
قلت: صحيح، أعرفها، وقد هُدمت وشيد في مكانها عمارة ضخمة تعرض «أفلاماً» من نوع آخر، اسمها «البرلمان»!
قال: ولكن كيف لا تمنع الحكومة هذا المنكر؟ كيف لا ينكره العلماء؟
قلت: إن أمثال هذه الصور في كل مكان. انظر ...
وأشرتُ إلى المجلات المعلَّقة في الطريق عند البيّاعين، وسألته: ألا تقرؤون المجلات؟
قال: وما المجلات؟ إننا لا نعرفها.
قلت: أتقرؤون كتباً غير كتب المدرسة؟
قال: نعم، أنا أقرأ في «العقد الفريد» و «حياة الحيوان» للدميري وكتاب «الفرج بعد الشدة» و «الأغاني».
قلت: هذه كتب لا يقرؤها إلا العلماء، فمن دلّك عليها وأنت في هذه السن؟
قال: كان الرجال الذي يجتمعون على أبي للدرس كل يوم يتناقشون، فيقول لي أبي: هات الجزء الرابع من تاج العروس، هات الثالث من الحاشية، هات الخامس من فتح القدير ...
(١) وكانت السينما في موضع البرلمان، وقد احترقت وبقيت أنقاضها سنين طويلة.