للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والرمي والسّبق، ما هي إلا أن استجابوا إلى شهواتهم وانقادوا إلى غرائزهم حتى أمسوا حطاماً.

إن من عجائب حكمة الله أنه جعل مع الفضيلة ثوابها: الصحة والنشاط، وجعل مع الرذيلة عقابها: الانحطاط والمرض (١). ولَرُبّ رجل ما جاوز الثلاثين يبدو -ممّا جار على نفسه- كابن ستين، وابن ستين يبدو من العفاف كشاب في الثلاثين. ومن أمثال الإفرنج التي سمعناها وهي حق وصدق: «من حفظ شبابه حفظ له شيخوخته».

ولو ترك الرجل غريزته، ولم تكن هذه المُغرِيات من الصور والروايات والأفلام وتكشّف النساء وشيوع الفاحشة، لما هاجت به الغريزة إلا مرة أو مرتين في الشهر والشهرين؛ لأن من القواعد الثابتة في العلم أنه كلما ارتقى الحيوان (والإنسان هنا حيوان) في سلّم التطور قلّ عنده السِّفاد وطال الحمل. فالديك والدجاجة يتسافدان كل يوم لأن مدة الحمل (بالبيضة) يوم واحد، أما القط (وهو من ذوات الأثداء) فيسافد القطة مرة أو مرتين في السنة لأن


(١) حينما نشرت دار المنارة هذه المقالة في رسالة مستقلة سنة ١٩٨٦ أضاف الشيخ رحمه الله في هذا الموضع حاشية لم تكن في الطبعات السابقة، قال فيها: "يبعث الله النُّذُر لمن أراد أن يعتبر، ومن ذلك المرضُ الخبيث الذي جَدَّ الآن وأعيا الأطباءَ علاجُه وعزّ عليهم دواؤه، الذي لا يأتي إلا من الفسوق وارتكاب الفواحش، وهو «الإيدز». ولو هداهم الله إلى معرفة دوائه لأرسل لهم نذيراً غيره، ثم تأتي الطامة الكبرى التي لا يملك لها أحدٌ دفعاً ولا منعاً، يوم القيامة، يوم تبرز الجحيم فتلتقم كل كفّار أثيم والعياذ بالله" (مجاهد).

<<  <   >  >>