للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن هنا تبدو صعوبة عمل الداعي إلى الله في جماعات الشباب. إن المعلم الفاسق يدعو طلاّبه إلى كل ما فيه لذة النظر أو لذة التطلع، أو اللذة الأخرى، فيغريهم بذلك، فبِمَ يغريهم المعلم الديِّن وهو يدعوهم إلى تركها كلها؟ لا تنظرْ إلى المرأة الجميلة لأن ذلك حرام، ولا تدخل أماكن الرقص لأن ذلك حرام، ولا تشاهد الفلم العاري ولا تقرأ القصة الداعرة لأن ذلك حرام ... يدعوهم إلى حرمان أنفسهم من لذة حاضرة ابتغاءَ لذة مغيَّبة، وفي ذلك أكبر المشقة وأشد الجهد. ولذلك أعظم الله ثوابَ الشاب الناشئ في طاعة الله، الذي يرى طريق اللذة المحرمة مفتوحاً أمامه ويمنع نفسَه منه ابتغاءَ مرضاة الله، وجعله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، ليستريح ويتلذذ حين يتألم الناس، كما تألم في الدنيا وهم مستريحون متلذذون.

* * *

ومنها أنه يكبِّر أولياءه في عيون الناس، قال تعالى: {إنّمَا ذلكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أولياءَهُ (١) فلا تَخَافوهُمْ وخَافُونِ إنْ كنتُمْ مُؤمنين}. ومن هنا وقر في صدورنا -لمّا ضعف إيماننا- تعظيم الغربيين، وصرنا نرى الحَسَن إن جاء من عندهم ازداد حُسْناً، والقبيحَ إن كان من عندنا ازداد قبحاً، وكل ما يرونه خيراً فهو الخير. حتى الموسيقى التي هي لسان الطبع وحديث القلب، إن كانت من هناك فهي الموسيقى العالمية الخالدة، ولو كان الذي نسمعه منها هو -على الحقيقة- أصوات متنافرة ورقاعة بادية!


(١) معناها: يخوفكم بأوليائه، قال قتادة: يعظّمهم في صدوركم.

<<  <   >  >>