للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكلام الدينَ الذي فسد، والعرضَ الذي ذهب، والمقدسات الذي مُرِّغت بالوحل؟

هل في الدنيا مؤمن أو كافر، شرقي أو غربي، يسمح بوضع هذا الكتاب بين أيدي أبنائه وبناته ليتعلموا منه أن يحب الشابُّ أختَه حباً ينتهي بالحمل؟ هل يسمح بذلك إلا أن يكون قد فقد عقله؟ فكيف يسكت الناس عن هذا الكتاب وهو يباع علناً؟ كيف يُغْضون على هذا الماخور السيَّار؟ كيف تقر الحكومة نشرَ كتاب يلعن كل ما يباركه الشيخ والقسيس والحاخام، ويهدم كل ما يبنيه الوُعّاظ والمعلمون والمصلحون، ويبيح كل ما تحرمه الشرائع والقوانين والأعراف؟

آمَنّا بحرية الرأي، ولكن هل معنى هذه الحرية أنّ كل من استطاع كتابة صفحات وطبعها يكون حراً أن يقول ما شاء، ولو دعا إلى الكفر والفسوق والعصيان؟ لماذا تمنع البلاد الملكية الطعن بالذات الشاهانية، وتبيح الطعن بالرسل والأنبياء بتسفيه أديانهم وتقبيح شرائعهم؟ وهل الحرية أن يعمل كل إنسان ما يريد؟ ولو ضرب غيره؟ ولو عدا على ماله؟ ولو مشى في الطريق عارياً؟ ولو كتب مثل هذا الكتاب؟ (١)

ولماذا نقيم القيامة على من يسرق عشرة قروش ونبعث وراءه الشرطة والدرك والنيابة والمحكمة والسجن، ونترك سارق الأعراض والعقائد؟


(١) من شاء فليقرأ مع هذه الكلمةِ الكلمةَ الأخرى: «حرية الكتابة»، وهي في كتاب «فصول في الثقافة والأدب»، ص٢٣٤ (مجاهد).

<<  <   >  >>