للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبدائع الصنائع (١) فصرنا نعود إلى كتب النصارى واليهود! وكانت المحاكم الشرعية قائمة أيام المستعمر فألغيناها، وكانت الأوقاف الإسلامية مَصونة أيام المستعمر، لا تُمَدّ لها يد بتبديل أحكامها أو قطع نظامها (٢)، فألغينا الأوقاف وقسمناها.

ماذا أعدد؟ وماذا أذكر؟ ألم يَزِد التكشف والاختلاط بعد الاستقلال؟ ألم يبتدع ديوانُ المحاسبات في الشام بدعةَ جعل البنات موظَّفات مع الرجال؟ "

هذا كله ثمر الغَرْسة الخبيثة التي غرسها فينا الاستعمار، وإنه لن يكون الجلاء حقاً حتى تجلوَ قوانين المستعمر عن محاكمنا، وشُبَهُهُ عن رؤوسنا، وعاداته عن بيوتنا، كما جلت جنوده عن أرضنا. وذلك في أيدينا؛ نحن الكثرة الكاثرة، نحن الذين نملك الأموال والعقول والألسنة والأقلام، ونملك هذه المنابر التي تستطيع أن تهز الأرض إذا علاها رجال، لا أشباه الرّجال!

فإذا بقينا على هذا الصمت، وهذا الضعف، وهذه العبودية، كنا مستحقين أن نُصفَع على وجوهنا كل يوم، لا بالكتب، بل بالنعال!

* * *


(١) أي حاشية ابن عابدين، وكل ما ذُكر من كتب المذهب الحنفي الذي كان مذهبَ الدولة العثمانية، والذي بقي هو الغالب في الشام من بعد (مجاهد).
(٢) النظام في اللغة خيط العقد.

<<  <   >  >>