ولكن أريد بيان العبرة من هذه القصة: لقد اشتغلت بالتمثيل واحترفت الصحافة وغصت في السياسة، ولكن الله كان يوجّه طريق سيري، فلم يختَرْ لي من ذلك كله شيئاً.
* * *
لا، لا أقول «إن الإنسان مسيَّر»، فإنها أضل مقالة قالها الإنسان. الإنسان مخيَّر، أعطاه الله اليدين، فهو يستطيع أن يحركهما ليتصدق على السائل وأن يحركهما ليضرب البريء، ومنحه الرجلين، فهو يقدر أن يمشي بهما إلى المسجد ليصلي أو إلى الماخور ليفسق. جول سيمون يردّ على مَن يدّعي أنه مسيَّر فيقول له: سأرفع يدي بعد ثلاث دقائق. فهل تراهنني على أنني لا أستطيع أن أرفع يدي؟
ولكن ليس معنى هذا أن الإنسان يستطيع أن يتحكم في
= إلى المملكة، وما زلت أسمع بمشروع الكتاب الذي سمّاه بهذا الاسم منذ وعيت، ولعله قد بدأ يجمع مادته ويسوّد مسوَّداته منذ تلك الأيام، بل أحسب أن هذه المقالة (والمقالتان بعدها في هذا الكتاب) جزء من النواة المبكرة للمشروع. غير أن السنين مضت تجر بأذيالها سنين، وهو يؤجل إنجاز المشروع ثم يؤجل، حتى صار إخراج هذا الكتاب أمنيّةَ الأُمنيّات عنده، هو وتكملة «تعريف عام بدين الإسلام»، وحتى قال في أول «تعريف عام» إنه يتنازل عن كل ما كتبه عمرَه كلَّه ويوفّق الله إلى تأليف جزأيه الباقيين (في الإسلام والإحسان) وإلى كتابة «ذكريات نصف قرن». فأما تتمة «تعريف عام» فلم تُكتَب قَط، وأما الذكريات فقدَّرَ الله كتابتها على التفصيل الذي قرأتموه في مقدمتها، والحمد لله (مجاهد).