للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: قد يجيئك ولدك وهو عابس مُبَرْطِم (١)، فيقول لك بلا سلام ولا كلام: أريد نصف ليرة. فتقول له: أما أخذت البارحة نصف ليرة، أكلَّ يوم نصف ليرة؟ وتطرده. ويجيء الولد الآخر فيقبّل يدك ويسلم عليك، ويقول لك: بابا، أنا أشكرك لأنك أعطيتني أمس نصف ليرة، ولكني أنفقتها وأنا أريد غيرها، ولكني مُسْتَحٍ منك، وسأقتصد ولن أنفقها كلها مثل المرة الماضية. فتقول له: لماذا تستحي مني؟ هل يستحي أحد من أبيه؟ خذ هذه ليرة (٢).

إنك لا تفضّل ولداً على ولد ولا تبخل بنصف الليرة، ولكن الأول أساء الأدب فعاقبته بالحرمان، والثاني أحسن الأدب فأجبت له الطلب.

والمرأة الحكيمة التي تعرف خلق زوجها وتعرف كيف تكلمه تصل إلى كل ما تريده منه، والمرأة الحمقاء تحرم نفسها من كل شيء. الأولى تعرف الوقت المناسب لعرض طلبها، فلا تجيء زوجَها وهو غضبان أو متضايق، بل تنظر ساعة رضائه وانطلاق نفسه فتطلب منه. ولا يكفي الرضا منه، بل يجب أن يكون مع رضا النفس امتلاء اليد، فإذا كانت تعلم أن الزوج ليس لديه من المال ما يلبّي به الطلب لم يُفِدْها حسن العرض ولا جمال القول.

* * *


(١) الكلمة عربية.
(٢) نشر جدي رحمه الله هذه المقالة في جريدة «الأيام» وعمري سنتان، وكان للّيرة شأن يومئذ (مجاهد).

<<  <   >  >>