ومنكود موجع ينتظر النهار، وكادح للعيش ناصب لا يستريح نهاره ولا يكاد ينام ليله، همه المال يجمعه ويرْكُمُه، قد حرم نفسَه من أجله الطيبات، ولو كُشف له الغطاء لعلم أنه إنما سخّره الله لآخر فهو يجمعه له ويكدح من أجله، وذاك نائم لا يفكر فيه ولا يباليه، حتى يجيء وقته فيأتيه ...
وتلميذ ذكي قد أثقل جفنيه النعاس وهدّ جسده التعب وهو مقبل على كتبه ودفاتره، وآخر كسلان يغطّ غطيط البَكْر، ولو اطلعا على الآتي لرأيا أن هذه الدنيا سترفع الجاهل الخامل وتخفض العالم العامل، تفيض على الأول المجد والمال وتحرم الثاني، ولا يدري الحكمةَ في ذلك إلا الله.
وكم من زوجين باتا متنافرين، يتمنى كل لو كان عزرائيل ووُكل بقبض روح صاحبه، وما ثمة من سبب إلا أن الزوج راح إلى الدار متألماً من أمر أصابه، يبتغي الراحة عند زوجه إذ تقبل عليه مُواسيةً مسلية بوجه طلق وفم باسم، وأن الزوجة كانت تنتظره وقد أناخ عليها الملل وترقب دخوله ضاحكاً مرحاً، فلما رأته مُرْبَدَّ الوجه خاب أملها فتألمت وأعرضت، ولما رآها معرضة ضاع رجاؤه منها فزوى وجهه عنها، وأمل كلٌّ أن يبدأه الآخر بالصلح لأنه عند نفسه لا ذنب له، فلما طال الوقت وهما متنافران يتراميان بالنظرات شزراً كالقطط في عراكها، استحكمت العقدة فلم يبق إلا الطلاق!
وكم من سجين يتقلب في السجن على مثل الإبر، يذكر أهله الذين لا عائل لهم سواه، وقد حُبس في تهمة، وقاضيه في النادي يضارب على المائدة الخضراء بالمال الذي قبضه رشوة من