وخلال ذلك عشرة آلاف شاب لا ينقصهم شيء من مال وصحة، ولكنهم لا يزالون يشكون الملل ولا يدرون ما يصنعون، فيُقبلون على الملاهي أو ينتحرون، ولو دققوا لعلموا أنهم إنما ينقصهم الإيمان.
وأربعمئة ألف نسوا همومهم وناموا كالقتلى! (١)
* * *
وجعلت أَلِجُ بخيالي هذه البيوت وأجول تحت السقوف، فأجد كل خبيثة لا تعرفها أصناف الحيوان، وإن هي عرفتها ترفّعَت عنها وأبتها؛ أفهذا هو الإنسان سيد المخلوقات؟ وفيمَ هذه السيادة إن لم تكن بالإيمان والفضيلة والاستقامة والصدق والعلم؟ أليس الإنسان الذي يكفر بالذي خلقه، ويخون وطنه، ويسيء إلى أبيه الذي رباه وأمّه التي حملته، ويكذب وينافق ويغش ويسرق، ويكون عبدَ شهواته وأسيرَ جهله ... أليس هذا الإنسان شراً من الحمار؟
(١) يشير إلى سكان دمشق، فكأنهم كانوا في تلك السنة أربعمئة وخمسين ألفاً أو نحوها. وقد تتبعت عدد سكان دمشق فوجدت أن أول إحصاء رسمي لهم أُجري في أيام السلطان عبد الحميد، سنة ١٨٨٤، وظهر فيه أنهم مئة وستون ألفاً. وقُدِّر عدد السكان بثلاثمئة ألف في بداية الحرب العالمية الأولى، ثم ازداد هذا العدد إلى ٥٣٠ ألفاً عام ١٩٦٠، و٨٣٧ ألفاً عام ١٩٧٠، وتجاوز المليون عام ١٩٨٠، والمليونين عام ١٩٩٠، والثلاثة الملايين عام ألفين، ولعلهم اليوم أربعة ملايين أو يزيدون (مجاهد).