الوجه، مفتول العضل وسخ الثوب، قد حمل سكيناً في يده طويلة النصل حديدة الشفرة وهجم بها على صاحبه، والناس ينظرون ولا ينكرون، وصاحبه المسكين يصرخ ويتلفت تلفت المذعور، يطلب الغوث ولا يغيثه أحد، ويبتغي المهرب فيسد عليه الناس طريق الهرب.
وإني لأفكر ماذا أصنع، وإذا بالخبيث العاتي يذبحه -والله- أمامنا ذبحاً، ويتركه يتخبط بدمه، ويوليه ظهره ويمضي إلى دكانه متمهلاً، فيعالج فيها شأنه على عادته، كأنه لم يرتكب جرماً ولم يأت الأمر النكر جهاراً!
وكدت أهجم عليه وأسلمه إلى الشُّرَط، ثم ذكرت أن الشجاعة في مثل هذا الموطن تهوّر وحماقة، وأن المجرم بيده السكين، لا يمنعه شيء أن يَجَأ بها من يريده بِشَرّ. وطمعت أن يتحرك أحد الواقفين فيقدم عليه فأتبعه وأشد أزره، فلا والله ما تحرك أحد منهم ولا جَرُؤ على ذلك؛ بل لقد تكلم واحد منهم، فلما رفع القاتل رأسه ونظر إليه رأيته يجزع منه ويفزع، ويقول له بصوت مضطرب متلجلج: الله يسلِّم يديك!
وحرت ماذا أعمل: أَأُبلّغ الشرطة، أو أدعهم وأمضي إلى داري لا عليّ ولا لي؟ ثم رأيت أن خير ما أفعل أن أكتب وصف ما رأيت وأبعث به ليُذاع ويعرفه الناس.
وهأنذا أتهم هذا الرجل بالقتل، وأدعو الحكومة إلى القبض عليه حتى يعاقَب ويكون عبرة لمن يعتبر. ولا يحسبَنَّ أحدٌ أنه فَرَّ أو أن القصة متخيَّلة أو مكذوبة، أو أنها من أساطير الأولين أو