للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو حنيفة: هذا منه - صلى الله عليه وسلم - تصرُّفٌ بالإِمامة، فلا يجوزُ لأحدٍ أن يُحييَ أرضاً إِلا بإذنِ الإمام، لأن فيه تمليكاً، فأشبَهَ الِإقطاعات، والِإقطاعُ يَتوقَّفُ على إِذن الإِمام، فكذلك الإِحياء.

وقال مالك والشافعي: هذا مِن تصرُّفِهِ - صلى الله عليه وسلم - بالفُتيا، لأنه الغالبُ من تصرُّفاته - صلى الله عليه وسلم - فإِنَّ عامَّة تصرفاته التبليغُ، فيُحمَلُ عليه، تغليباً للغالبِ الذي هو وضْعُ الرسل - عليهم السلام -. فعلى هذا: لا يَتوقَفُ الِإحياءُ على إِذن الإِمام، لأنها فُتيا بالِإباحة كالاحتطاب والإحتشاش، بجامعِ تحصيلِ الأملاك بالأسباب الفعلية.

وأمَّا قولُ مالك: ما قَرُبَ من العُمْران لا بُدُّ فيه من إِذن الإِمام، فليس لأنه تصرُّف بطريق الِإمامة، بل لِقاعدةٍ أخرى، وهي أنَ إِحياءَ ما قَرُبَ يَحتاجُ إِلى النظر في تحريرِ حَرِيم البَلَد، فهو كتحرير الإعسار في فَسْخ النكاح، وكلُّ ما يَحتاجُ لنظرٍ وتحريرٍ فلا بُدَّ فيه من الحُكَّام.


= ظالماً حتى كأنَّ الفعلَ له، والظُّلمُ، راجعٌ إلى صاحب العِرق، أي ليس لذي عِرقٍ ظالمٍ حق.
ويُروَى بالِإضافة، فالظالمُ على هذه الرواية صاحبُ العِرق وهو الغارسُ، لأنه تصرَّفَ في ملك الغير، فليس له حقٌ في الِإبقاء فيها. وبالغَ الخطَّابي فغلَّط رواية الِإضافة، وليس كما قال، فقد ثبتَتْ، ووجهُها ظاهر فلا يكون غلطاً، فالحديثُ يُروَى بالوجهين" انتهى.
وفسر الحافظ ابن حجر معنى الإِحياء فقال ٦: ١٤ و ١٥ وإحياء المَوَات أن يَعمِدَ الشخصُ لأرضٍ لا يُعلَمُ تقدُّمُ ملكٍ عليها لأحد، فيُحييها بالسقي أو الزرع أو الغَرْس أو البناء، فتصيرُ بذلك ملكَه. والعِرقُ الظالمُ كما قال ربيعة: يكون ظاهراً ويكون باطناً، فالباطن ما احتفره الرجلُ من الآبار، أو استخرجه من المعادن، والظاهر ما بناه أو غرسه.
وقال غيرُه: الظالمُ مَنْ غرَسَ أو زَرَع أو بَنَى أو حَفَر في أرضِ غيره بغير حق ولا شُبهة".

<<  <   >  >>