للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثالثة]

قولُهُ - عليه الصلاة والسلام -: "مَنْ قتَلَ قتيلاً فله سَلَبُه" (١)


= الحديث بهذه الطرق المتعددة، مع تصحيح إمامين - الحاكم وابن السكن - من الأئمة المعتَبرِين لبعضِها، وتحسينُ إمام ثالث منهم - الترمذي، ومع إقرارِ المنذري لتحسين الترمذي، وإقرارِ الذهبي لتصحيح الحاكم -: مما يَصيرُ به الحديثُ منتهضاً للإحتجاج". انتهى. فالحديثُ حسن.
ثم قولُ المؤلف: "عارَضَ حديثَ هندٍ حديثُ أدِّ الأمانة ... " فيه نظر، قال الحافظ المنذري في "مختصر سنن أبي داود" ٥: ١٨٥ "وهذا الحديث يُعدُّ في الظاهر مخالِفاً لحديثِ هند، وليس بينهما في الحقيقة خلاف. وذلك لأن الخائن هو الذي يأخذُ ما ليس له أخْذُه ظلماً وعُدواناً، فأما من كان مأذوناً له في أخذ حقه من مال خصمه واستدراكِ ظُلامته منه فليس بخائن. وإنما معناه: لا تَخُن من خانك بأن تقابله بخيانةِ مثلِ خيانته، وهذا لم يخنه، لأنه يَقبض حقاً لنفسه، والأول يغتصب حقاً لغيره".
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" ٥: ٢٥٢ "فيه دليل على أنه لا يجوز مكافاةُ الخائنِ بمثلِ فعلِه، فإن الخيانة لا تحل، ولكن الخيانة إنما تكون في الأمانة، كما يُشعِرُ بذلك كلامُ "القاموس"، فلا يصح الإستدلالُ بهذا الحديث على أنه لا يجوز - لمن تعذرَ عليه استيفاءُ حقه - حبْسُ حقَّ خصمه على العموم. إنما يصح الإستدلال به على أنه لا يجوز للإنسان إذا تعذر عليه استيفاء حقه أن يَحبِسَ عنده وديعة لخصمه أو عارية، مع أن الخيانة إنما تكون على جهة الخديعة والخفية، وليس محلُّ النزاع من ذلك". انتهى باختصار وتصرف يسير.
أما سبَبُ الحديث فلم يُعلَم كما قاله ابن حمزة الحسيني في "البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف" ١: ٤٣. فما ذكره العَدَوي في حاشيته على "شرح الخَرْشي لمختصر خليل" ١١٨:٦ من أن سبَبَه "سُئل - صلى الله عليه وسلم - عمن أراد وَطْءَ امرأة ائتمنه عليها رجل قد كان هو ائتُمِنَ على امرأة ذلك الرجل السائل، فخانه فيها ووطئها، فقال له: أدِّ الأمانة ... ". فكلامٌ باطل لا يُلتفَتُ إليه!
(١) رواه أبو قتادة الأنصاري السُّلَمي فارسُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - =

<<  <   >  >>