للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السُّؤَالُ الخَامِسُ

إِذا كان حُكمُ الحاكم إِنشاءَ فهل هو نَفسانيّ أو لِسانيّ (١)؟

جَوَابُهُ

أنَّه نَفساني، ويَعْضُد ذلك وجهان:

أحدُهما: أنَّ حُكمَ الله تعالى إِنما هو كلامُه القائمُ بذاته، وألفاظُ الكتابِ والسُّنَّةِ وغيرِ ذلك إِنما هي أدلَّتُه لا هو، وهذا حُكمُ الله أيضًا غير أنه فوَّضه للحاكم، فكان أيضًا نَفسانيًا قائمًا بنفسِ الحاكم، وقائمًا بذات الله - عَزَّ وَجَلَّ - أيضًا، لا أنَّه غيرُ القائمِ بذات الحاكم بل عَيْنُه.

فإِنَّ الله تعالى إذا أوجَبَ علينا ما حكَمَ به الحاكمُ فقد قام بذاتهِ تعالى الحُكمُ بذلك كسائر الأحكام، غير أنَّ الحُكمَ القائمَ بنفس الحاكم عَرَضٌ مُحدَث لا يَبقى زمانين، والقائمَ بذات الله تعالى واجبُ الوجود قديمٌ أَزَليّ أبَدي كسائر أحكامه تعالى، كما تقرَّر ذلك في أصولِ الفقه وأصولِ الدين.

وثانيهما: أنَّ الذي يَدُلُّ على أنَّ حُكم الحاكمِ نَفساني أنه إِذا حكم فتارةً يُخبِرُ عنه بلسانه فيقول: اشهَدوا عليَّ أني حَكَمتُ بكذا، وتارةً يُسألُ عن ذلك فيشيرُ برأسه أو غيرِ ذلك مما يُفهَمُ عنه به أنه حَكَمَ، وتارةً يَكتُبُ به إِلى حاكمٍ آخر، أو يُحضِرُ مكتوبًا للشهود فيقول: اشهَدُوا عليَّ بمضمونه،


(١) جواب هذا السُّؤَالُ منقول باختصار وتصرّف في "تبصرة الحكام" ١: ٩٣، ١: ١٠٠، و"معين الحكام" ص ٥٢، ٦٠.

<<  <   >  >>