للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيانُ رأي طائفة من علماء السادة المالكية في الِإشكال الواقع في كلام الإِمام القرافي

تقدم في ص ١٢١ عند قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من قَتَل قتيلاً فله سَلَبُه"، قولُ الإِمام القرافي - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: (قال مالك: هذا تصرُّفٌ من النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإِمامة، فلا يجوزُ لأحدِ أن يَختَصَّ بسَلَبِ إِلَّا بإذن الإِمام في ذلك قَبْلَ الحرب، كما اتَّفق ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).

وذكرتُ هناك تعليقاً أنَّ في قول القرافي: (قَبْلَ الحرب) إشكالاً، وهو أن مذهب الإِمام مالك - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: لا يجوزُ للإمام التنفيلُ إِلا بعدَ الحرب، فهذا القولُ هنا (قبلَ الحرب) مشكلٌ ومعارِضٌ لما تقرَر في مذهبه، وأني سألتُ عنه طائفة من كبار علماء السادة المالكية، وراسلتهم، فكاتبوني وأجابوا بأجوبة كثيرة، وكلامِ طويل، فرأيتُ إثبات كلامهم وإجاباتهم بآخر الكتاب، نظراً لطولها، ولئلا ينقطع اتصالُ الكلام بفاصلِ طويل جداً، فها أناذا أوردُ ما قالوه مشكورين.

وأوَّلُ من سألتُه وراسلته في ذلك العلامةُ الجليل، والفقيه المحدِّث النبيل سماحة الشيخ محمد الجَوَاد الصِّقِلِّي عميدُ كلية الشريعة في مدينة فاس بالمغرب - رَحِمَهُ اللهُ - تعالى (١)، وكانت رسالتي إليه من مدينة الرياض، في ٢ من صفر سنة ١٣٨٩، فأجابني بما يلي، مُضفياً علي بعضَ الأوصافِ اللائقةِ به، عملاً بتواضعه الجم، وأدبِه الرفيع الذي عُرف به ساداتنا العلماء المغاربة، قال:


(١) توفي الشيخُ الجليلُ - رحمةُ الله تعالى - عليه ليلةَ عيد الفطر من عام ١٣٩٢.

<<  <   >  >>