للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالُ التَّاسِعْ

أنَّ الحقَّ في هذه المسألة ما قاله الشافعية والمالكية من أنها منقولة (١)، لأنه المتبادِرُ في العُرف عند سماعها، فلا يَفهمُ سامع من قولِه: بعتُ واشتريتُ إِلَّا النَّقلَ، وأنَّ المتكلِّم أنشأ البيعَ بها (٢).


(١) أي من أصلها الذي هو الخبر إلى المعنى الاستعمالي وهو الإِنشاء.
(٢) وهذا رأي الحنفية أيضًا في المسألة كما قدَّمتُ نقلَه تعليقًا في ص ٧٢ آنفًا.
وقد رأيتُ للإِمام فخر الدين الرازي شيخ الشافعية المفسِّر المتوفى سنة ٦٠٦ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -، في كتابه العظيم "المحصول في علم الأصول" كلامًا جيدًا يتصل بهذا الموضوع، استحسنتُ نقلَه وتعليقَه لقوته ومتانته وحُسنه.
قال - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في الباب السادس في الحقيقة والمجاز في الكلام على الحقيقة الشرعية: "الفرعُ الرابعُ في أنَّ صِيَغَ العقود إِنشاءات، أم إِخبارات؟
لا شك أن قوله: نَذرتُ وبِعتُ واشترَيتُ، صِيَغُ الِإخبار في اللغة، وقد تُستعمَلُ في الشرع أيضًا للإخبار. وإنما النزاعُ في أنها حيث تُستعمل لإستحداثِ الأحكام إِخباراتٌ أم إِنشاءات؟
والثاني هو الأقربُ لوجوه:
الأول: أن قوله: أنتِ طالق، لو كان إِخبارًا: لَزِمَ إما أن يكون إِخبارًا عن الماضي، أو الحال، أو المستقبل، والكل باطل، فبطَلَ القولُ بكونها إِخبارًا.
أَمَّا أنه لا يمكن أن يكون إِخبارًا عن الماضي والحاضر، فلأنه لو كان كذلك لامتَنَع تعليقُه على الشرط، لأن التعليقَ عبارة عن توقيف دخوله في الوجود على دخولِ غيرِهِ في الوجود، وما دَخَل في الوجود لا يمكن توقيفُ دخولهِ في الوجود على دخولِ غيره في الوجود. ولمَّا صحَّ تعليقُه على الشرط، بطَلَ كونُه إِخبارًا عن الماضي أو الحال. =

<<  <   >  >>