للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصحابُنا على أنه يَعتِقُ بمجرَّدِ التقويم من غير حاجة إِلى حُكم؛ لأنه الواردُ في الحديث، وقال غيرُه: يَفتقرُ للحُكم.

المثالُ الثالث: عتقُ القريب إِذا ملَكه الحُرُّ المَلِيء، المشهورُ عدَمُ افتقارِه للحكم، وقيل لابُدَّ فيه من الحكم.

المثالُ الرابع: العتقُ بالمُثْلَة، قال ابنُ يونس: قال مالك: لا يَعتِقُ إِلَّا بالحُكم، وقال أشهب (١): لا يَفتقر إلى الحكم، بل يَتْبَع سبَبَه.

المثالُ الخامس: فَسْخُ البيع بعدَ التحالُفِ من المتبايعَيْن.

المثالُ السادس: فَسْخُ النكاح بعدَ التحالُفِ إِذا قيل به.

ويُلحَقُ بهذا الباب: إِقامةُ الجمعة، لكنَّ الخلافَ ليس في افتقارها للحكم، بل لِإذن الإِمام وهو غيرُ الحكم.

وسببُ الخلاف في هذه المُثُلِ كلها: اجتماعُ الشوائب، وتخيُّلُ


(١) هو الإِمام أبو عَمْرو أشهَبُ بن عبد العزيز بن داود القيسي العامري الجَعْدي، الفقيه المالكي المصري، تفقَّهَ على الإِمام مالك عالم المدينة ورَوَى الحديث عنه، ثم تفقهَ من بعدِهِ على المدنيين والمصريين، وروى الحديث والعلم عن الليث بن سعد وفُضَيل بن عياض وابن لَهِيعة وغيرهم، وخرّج عنه أصحابُ "السنن" وغيرهم. كان أحد فقهاء مصر في عصره، حسن الرأي والنظر في العلم والفقه، له رياسة في مصر، ومالٌ جزيل.
وكان من انظر أصحاب مالك، ذابَّاً عن مذهبه، متحريا في سماعه عنه حتى كان تلميذُه سُحنون يقول: حدثني المتحرِّي في سماعِهِ أشهَبُ، وما كان أصدقَه وأخوفَه لله، كان ورعا في سماعه، وعدَدُ كتب سماعه عشرون كتابًا. وشهد له الشافعي بفقهه وبصارته بالعلم مع بعض منافسة كانت بينهما فقال: ما أخرجَتْ مصرُ أفقهَ من أشهب. ولد بمصر سنة ١٤٠، وتوفي فيها سنة ٢٠٤ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.

<<  <   >  >>