للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من حيث الجملة.

ثم الولاية لها طرفان وواسطة، فأعلاها: الخلافةُ التي هي الِإمامةُ "الكبرى" وأدناها التحكيمُ الذي يكون منِ جهة المتنازِعينِ، وبين هذين الطرفين وسائطُ كثيرة. فأسرُدُ من ذلك خمْسَ عشرةَ رُتبةً وأُمثّلُها وأُبيّنُ أحكامَها.

الرتبة الأولى: الإِمامةُ "الكبرى" فأهليةُ جميعِ أنواعِ القضاءِ في الأموال والدماءِ وغيرِها: جُزؤها، وهي صريحةٌ في ذلك، فتَتناولُ بصراحتها أهليةَ القضاء وأهليةَ السياسة العامَّة.

الرتبةُ الثانية: الوِزارةُ للإمامة. قال ابنُ بشير من أصحابنا (١): يجوز التفويض في جميع الأمور للوزير، ويَختصُّ الإِمامُ عنه بثلاثة أحكام:

١ - لا يَعقِدُ ولاية العهد (٢)، ويعقدُها الإِمام لمن يريد فيكون إِماماً للمسلمين بعده، كما فعَلَ الصديقُ - رضي الله عنه - مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.


(١) هو أبو عبد الله محمد بن سعيد بن بشير بن شَرَاحيل المَعَافِري الأندلسي. الفقيه القاضي العادل، خرج حاجًا فلقي مالكاً عالمَ المدينة فجالسه وسمع منه، وطلب العلم بمصر أيضًا. تولَّى قضاءَ الجماعة - قضاءَ القضاة - في قرطبة، فكان حسنَ القضاء صُلباَ في الحق لا تأخذه في الله لومةُ لائم، وبعَدْلِهِ يُضرَبُ المثل. أورد له المَقريُ في "نفح الطيب" ١: ٣٨٩ - ٣٩٢ أخبارًا من قضائه العادل تدلُّ على سمو مكانته وقوة صلابته ومتانة شخصيته، في إقامة العدل والحق مع السلطان فمن دونه. وكان يحيى بن يحيى الليثي رئيسُ علماء الأندلس يعظمه ويكثر الثناء عليه ويقول: ابنُ بشير أهلٌ أن يقتَدَى به. وتوفىِ في قرطبة سنة ١٩٨ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
(٢) أي الوزيرُ.

<<  <   >  >>