للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يَتقرَّرُ شرعًا عامًّا للمكلَّفين، لأنَّ ما لا نُقرُّه إذا حَكَم به حاكم وتأكَّد بالحُكم، أَولى أن لا نُقرَّه إذا لم يتصل به حُكمُ حاكم.

وكذلك أنَّ كلَّ من قال بجوازِ الإنتقال في المذاهب استَثنَى هذه الأمورَ الأربعة وقالَ: يجوزُ التقليدُ للمذاهب، والإنتقالُ فيها بشرط أن لا يكون على خلافِ الإِجماعِ أو القواعد، أو القياس الجليّ، أو النصّ، السالمةِ عن المُعارضِ الراجحِ عليها.

٤ - الحالةُ الرابعة: أن يقع السؤالُ عن وجوب مَسْحِ جميعِ الرأس في حقّ مجتهدٍ له أهليَّةُ الإجتهاد، كالشافعي ونحوِه، فلا نُفتيه بالوجوبِ ولا عدمِ الوجوب، بل نقولُ له: حُكمُ الله تعالى عليك أن تَجتهدَ وتَنظرَ في أدلَّةِ الشريعة ومَصادِرها ومَوارِدها، فأيُّ شيء غَلَب على ظنّك فهو حُكمُ الله تعالى في حقِّك وحق من قلَّدك، ما لم تخالِف أحدَ الأمور الأربعة التي يُنقَضُ قضاء القاضي إِذا خالَفَها.

فإِذا خالفتَ أحدَ الأمورِ الأربعةِ ولم تطَّلع عليه، وجَبَ عليك أن تَبقى على ما غلَبَ على ظنك، وإِن كنتَ على خلافِ الإِجماع في نفس الأمر. وقد قال الغزاليُّ (١) في كتاب "المستصفَى" في كتاب الإجتهاد: إِن الإِجماعَ


(١) هو أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الملقَّب بحجة الِإسلام وزين العابدين، الطُّوسي الشافعي، الإِمام الفقيه الأصولي المفسر المتكلم النظَّار الصوفي الفيلسوف الواعظ، ذو المؤلفات العديدة، والشهرة العريضة، التي طبَّقَت الآفاق. ولد في مدينة طوُس سنة ٤٥٠، وأَخَذَ عن علمائها، ثم قدم نيسابور وأخذ عن إمام الحرمين أبي المعالي الجُوَيني، وجَدَّ في التحصيل حتى بلغ الدرجة الرفيعة في سعة العلم، واستنارةِ العقل ومُقارعةِ الملاحدة وخصومِ الإِسلام، والظَّفَرِ والغلبةِ عليهم.
وألَّف المؤلفات الكثيرة النافعة. وأشهرُ مؤلفاته في الفقه: "الوجيز" و "الوسيط" =

<<  <   >  >>