للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأُمّ، وترَكَ الكاتبُ في آخرِ السطر بياضًا، ثم قال: وابنَ عم، فكتَبَ المفتي: للأُمِّ الثلث، وللأخ للأمّّ السدس، والباقي لإبن العم، فلما أخَذَ المستفتي الفُتيا كَتَبَ في ذلك البياض: وأبًا، ثم دَوَّر الفُتيا على الناس بالكُوفة وقال: انظروا فلانًا كيف حجَبَ الأبَ بابن العَمّ، فقال له أصحابُه، مثلُه ما يَجهلُ هذا، فقال: هذا خَطُّه شاهدٌ عليه، فوقعَتْ فِتنةُ عظيمةٌ بين فئتين عظيمتين من الفقهاء.

فينبغي للمفتي أن يَحذَرَ مِن مثلِ هذا، وأن يَسُدَّ البياضات كما يَفعل الورَّاقون في كُتبِ الأحباس وغيرِها حذرًا من التتميم. وينبغي له إِذا وجَدَ سطرًا ناقصًا في آخر الفُتيا أنَّ يُكملَه بخطّه بما يكتبه في الفُتيا.

وإِذا قال المستفتي من لفظِهِ: قَيْدًا يَنضمُّ للفُتيا ويُغيِّرُ الحُكمَ، يَكتُبه بخَطّه بين الأسطر، أو يقول: قال المستفتي مِن لفظِه: كذا، لئلا يُطعَنَ عليه في فتياه. ونحوُ هذه الإحترازات لا ينبغي أن يُغْفَلَ عنها، فالحزمُ سُوء الظنّ، وسَدُّ الذرائع مِن أحسنِ المذاهب، قال - عليه السلام -: "دَعْ ما يَريبُك إِلى ما لا يَريبك" (١).


(١) حديثٌ صحيح، رواه عدد من الصحابة، فرواه عن أنس بهذا اللفظ أحمد في "المسند" ١٥٣:٣. ورواه عن الحسن بن علي - رضي الله عنه - الترمذي في "جامعه" ٩: ٣٢١ وأبو نُعَيم في "الحلية" ٨: ٢٦٤ قال: "حفظتُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دَعْ ما يَريبك إلى ما لا يَريبك. فإن الصدق طُمأنينة، وإنَّ الكذِبَ ريبة". وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ورواه عن وابِصة بن معبد الأسديِّ الطبرانيُّ في "المعجم الكبير" كما في "الجامع الصغير" للسيوطي.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ٤: ٢٥٠ "أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد وابن حبان والحاكم من حديث الحسن بن علي. وفي الباب من حديث ابن عُمَر =

<<  <   >  >>