للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• عن عبد الله بن عباس ؛ قال: إن ابن أبي مُعَيط وأُبيّ بن خلف الجمحي التقيا، فقال عقبة بن أبي مُعَيط لأُبَيّ بن خلف، وكانا خليلين في الجاهلية، وكان أُبَيّ بن خلف أتى النبي ، فعرض عليه الإسلام، فلما سمع ذلك عقبة؛ قال: لا أرضى عنك حتى تأتي محمداً فتتفُلُ في وجهه، وتشتمه وتُكَذِّبه، قال: فلم يُسَلِّط الله على ذلك، فلما كان يوم بدر؛ أُسِرَ عقبة بن أبي معيط في الأُسارى، فأمر النبي عليَّ بن أبي طالب أن يقتله، فقال عقبة: يا محمد! مِنْ بين هؤلاء أُقتل؟ قال: "نعم"، قال: لِمَ؟ قال: "بكفرك، وفجورك، وعُتُوّك على الله ورسوله"، قال معمر: وقال مقسم: فبلغنا -والله أعلم- أنه قال: فمَن للصبية؟ قال: النار، قال: فقام إليه علي بن أبي طالب فضرب عنقه.

وأمَّا أُبَيَّ بن خلف؛ فقال: والله لأقتلنَّ محمداً، فبلغ ذلك رسول الله ، فقال: "بل أنا أقتله إن شاء الله"، قال: فانطلق رجل ممن سمع ذلك مع النبي إلى أُبَيّ بن خلف، فقيل: إنَّه لَمّا قيل لمحمد ما قلتَ؛ قال: "بل أنا أقتله إن شاء الله"، فأفزعه ذلك، وقال: أنْشُدُك بالله أسمعته يقول ذلك؟ قال: نعم، فوقعت في نفسه؛ لأنهم لم يسمعوا رسول الله يقول قولاً إلا كان حقاً.

فلما كان يوم أُحد؛ خرج أُبَيّ بن خلف مع المشركين، فجعل يلتمس غفلة النبي ليحمل عليه، فيحُول رجل من المسلمين بينه وبين النبي ، فلما رأى ذلك رسول الله ؛ قال لأصحابه: "خَلُّوا عنه"، فأخذ الحربة فجزله بها (١) -يقول: رماه بها- فيقع في ترقوته، تحت تسبغة البيضة، وفوق الدرع، فلم يخرج منه كبير دم، واحتقن الدم في جوفه، فجعل يخور كما يخور الثور، فأقبل أصحابه، حتى احتملوه وهو يخور، وقالوا: ما هذا؟ فوالله ما بك إلا خدش، فقال: والله؛ لو لم


= قلنا: من دون ابن عباس كلهم كذابون.
(١) انظر: التعليق على المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>