للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب:

إذا اتفق ما نزل مع السبب في العموم، أو اتفق معه في الخصوص، حمل العام على عمومه، والخاص على خصوصه.

ومثال الأول قوله -تعالى-: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢)[البقرة: ٢٢٢].

عن أنس قال: "إن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم أخرجوها من البيت ولم يؤاكلوها، ولم يشاربوها، ولم يجامعوها في البيوت، فسُئِل رسول الله عن ذلك، فأنزل الله: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾ [البقرة: ٢٢٢]، فقال رسول الله : "جامعوهن في البيوت، واصنعوا كل شيء إلا النكاح" (١).

قال السيوطي: "اختلف أهل الأصول: هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟

والأصح عندنا الأول، وقد نزلت آيات في أسباب، واتفقوا على تعديتها إلى غير أسبابها؛ كنزول آية الظهار في سلمة بن صخر، وآية اللعان في شأن هلال بن أمية، وحد القذف في رماة عائشة، ثم تعدى إلى غيرهم، ومن يعتبر عموم اللفظ قال: خرجت هذه الآيات ونحوها لدليل آخر، كما قصرت آيات على أسبابها اتفاقاً لدليل قام على ذلك.

ومن الأدلة على اعتبار عموم اللفظ، احتجاج الصحابة وغيرهم في وقائع بعموم آيات نزلت على أسباب خاصة شائعاً ذائعاً بينهم.

قال ابن جرير (٢): حدثني محمد بن أبي معشر، أخبرنا -أبو معشر- نجيح قال: سمعت سعيد المقبري يذكر محمد بن كعب القرظي؛ فقال سعيد:


(١) سيأتي تخريجه (ص ١٦٩).
(٢) "جامع البيان" (٣/ ٥٧٤ - طـ هجر).

<<  <  ج: ص:  >  >>