للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المؤمن: فيزداد إيماناً وبصيرة بحكمة الله في تشريعه؛ فيدعوه ذلك إلى شدة التمسك بها.

وأما غير المؤمن: فيعلم أن الشرع قام على رعاية المصلحة، وجلب المنفعة، ودفع المضرة، فيدعوه ذلك إن كان منصفاً إلى الدخول في الإسلام.

وذلك مثل ما إذا عرفنا سبب تحريم الخمر؛ عرفنا الحكمة في التحريم؛ إذ أنها توقع العداوة والبغضاء بين الناس، وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وتذهب العقل والوقار، وتضر بالصحة وتفني الأموال في غير طائل (١).

• ومن أمثلة الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال:

أنه أشكل على عروة بن الزبير أن يفهم فرضية السعي بين الصفا والمروة من قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة: ١٥٨]، وذلك لأن الآية نفت (الجناح) ونفي (الجناح) لا يدل على الفرضية، حتى سأل خالته أم المؤمنين عائشة عن ذلك؛ فأفهمته أن نفي (الجناح) ليس نفياً للفرضية، وإنما هو نفي لما وقر في أذهان المسلمين يومئذ من التحرج والتأثم من السعي بين الصفا والمروة؛ لأنه من عمل الجاهلية وقد كان سبب هذا التحرج ما روي من أنه كان على الصفا صنم يقال له:

(إساف) وعلى المروة صنم يقال له: (نائلة)، وكان المشركون إذا سعوا تمسحوا بهما، فلما ظهر الإسلام، وكسرت الأصنام تحرج المسلمون أن يطوفوا بينهما لذلك؛ فنزلت الآية، لنفي هذا الحرج (٢).


(١) "مدخل إلى دراسة القرآن" (ص ١٤١).
(٢) "المرجع نفسه" (ص ١٣٦)، وانظر: "الإتقان" (١/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>