قال: فوالله! ما لبثنا إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله ﷺ، قال: فجعل عمّي عامر يرتجز القوم:
تالله! لولا الله ما اهتدينا … ولا تصدقنا ولا صلينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا … فثبت الأقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا
فقال رسول الله ﷺ:"من هذا؟ "، قال: أنا عامر، قال:"غفر لك ربك"، قال: وما استغفر رسول الله ﷺ لإنسان يخصه إلا استشهد، قال: فنادى عمر بن الخطاب، وهو على جمل له: يا نبي الله! لولا ما متعتنا بعامر، قال: فلما قدمنا خيبر؛ قال: خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب … شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
قال: وبرز له عمي عامر، فقال:
قد علمت خيبر أني عامر … شاكي السلاح بطل مغامر
قال: فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عامر، وذهب عامر يسفل له؛ فرجع سيفه على نفسه؛ فقطع أكحله، فكانت فيها نفسه.
قال سلمة: فخرجت؛ فإذا نفر من أصحاب النبي ﷺ يقولون: بطل عَمَلُ عامر؛ قتل نفسه، قال: فأتيت النبي ﷺ وأنا أبكي، فقلت: يا رسول الله! بطل عمل عامر؟ قال رسول الله ﷺ:"من قال ذلك؟ "، قال: قلت: ناس من أصحابك، قال:"كذب من قال ذلك، بل له أجره مرتين"، ثم أرسلني إلى علي وهو أرمد، فقال:"لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، أو يحبه الله ورسوله"، قال: فأتيت علياً فجئت به أقوده وهو أرمد، حتى أتيت به رسول الله ﷺ، فبصق في عينيه؛ فبرأ، وأعطاه الراية، وخرج مرحب فقال: