للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله يكلمنه نساؤه، فخرجت فدخلت على حفصة، فقلت: يا بنية! انظري، لا تكلمي رسول الله في شيء، ولا تسأليه؛ فإن رسول الله ليس عنده دنانير ولا دراهم يعطيكهن، فما كانت لك من حاجة -حتى دهن رأسك-؛ فسليني.

وكان رسول الله إذا صلى الصبح جلس في مصلاه، وجلس الناس حوله حتى تطلع الشمس، ثم دخل على نسائه امرأة امرأة، يسلم عليهن، ويدعو لهن، فإذا كان يوم إحداهن جلس عندها، وإنها أهديت لحفصة بنت عمر عكة عسل من الطائف -أو من مكة- فكان رسول الله إذا دخل عليها يسلم؛ حبسته حتى تلعقه منها -أو تسقيه منها-، وإن عائشة أنكرت احتباسه عندها، فقالت لجويرية عندها حبشية -يقال لها: خضراء-: إذا دخل على حفصة فادخلي عليها؛ فانظري ما يصنع فأخبرتها الجارية ما يصنع بشأن العسل، فأرسل عائشة إلى صواحبها فأخبرتهن، وقالت: إذا دخل عليكن فقلن: إنا نجد منك ريح مغافير، ثم إنه دخل على عائشة، فقالت: يا رسول الله! أطعمت شيئاً منذ اليوم؟ فإني أجد منك ريح مغافير، وكان رسول الله أشد شيء عليه أن يوجد منه ريح شيء، فقال: "هو عسل، والله لا أطعمه أبداً".

حتى إذا كان يوم حفصة، قالت: يا رسول الله! إن لي حاجة إلى أبي، إن نفقة لي عنده، فائذن لي أن آتيه، فأذن لها، ثم إنه أرسل إلى مارية جاريته، فأدخلها بيت حفصة، فوقع عليها، فأتت حفصة فوجدت الباب مغلقاً، فجلست عند الباب، فخرج رسول الله -وهو فزع، ووجهه يقطر عرقاً، وحفصة تبكي، فقال: "ما يبكيك؟ "، فقالت: إنما أذنت لي من أجل هذا، أدخلت أمتك بيتي ثم وقعت عليها على فراشي، ما كنت تصنع هذا بامرأة منهن، أما والله؛ ما يحل لك هذا يا رسول الله! فقال: "والله ما صدقت، أليس هي جاريتي قد أحلها الله لي؟ أشهدك أنها عليّ حرام، ألتمس بذلك رضاك، انظري ألا تخبري بهذا امرأة منهن؛ فهي عندك أمانة"، فلما

<<  <  ج: ص:  >  >>