ففزع العباس من رؤياها، ثم خرج من عندها، فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعة من آخر الليلة، وكان الوليد خليلاً للعباس، فقصَّ عليه رؤيا عاتكة وأمره أن لا يذكرها لأحد، فذكرها الوليد لأبيه عتبة، وذكرها عتبة لأخيه شيبة، فارتفع الحديث حتى بلغ أبا جهل بن هشام، واستفاضَ في أهل مكة. فلما أصبحوا غدا العباس يطوفُ بالبيت فوجد في المسجد أبا جهل وعتبة وشيبة ابني ربيعة وأمية وأبيّ ابني خلف وزمعة بن الأسود وأبا البختري في نفر من قريش يتحدثون، فلما نظروا إلى العباس ناداه أبو جهل: يا أبا الفضل إذا قضيت طوافك فهلمّ إلينا، فلما قضى طوافه جاء فجلس إليهم، فقال أبو جهل: ما رؤيا رأتها عاتكة فقال: ما رأت من شيء. فقال أبو جهل: أما رضيتم يا بني هاشم بكذب الرجال حتى جئتمونا بكذب النساء، إنا كنا وإياكم كفرسي رهان، فاسْتَبَقْنا المجد منذ حين فلما تحاكَّت الركب قلتم: منا نبي، فما بقي إلا أن تقولوا: منا نبية، فما أعلم في قريش أهل بيت أكذب امرأة ولا رجلاً منكم، وآذاه أشد الأذى. وقال أبو جهل: زعمت عاتكة أن الراكب قال: اخرجوا في ليلتين أو ثلاث، فلو قد مضت هذه الثلاث تبَيَّنَت قريش كذبكم، وكتبنا سجلاً: أنكم أكذب أهل بيت في العرب رجلاً وامرأة. أما رضيتم يا بني قصي أن ذهبتم بالحجابة والندوة والسقاية واللواء والرِّفادة، حتى جئتمونا بنبي منكم؟ =